التوصّل إليها على وصف الرجحان إلاّ بالطهارة وهي منوطة بالوضوء ونحوه ، فيكون واجبا لمصلحة التوصّل الّتي يحقّقها الأسباب الموجبة للحدث المناقض للطهارة بمعنى أنّ كون الوضوء ممّا يتوصّل به إلى الطهارة للصلاة مصلحة لا يحقّقها إلاّ الأحداث ، فاذا كانت المصلحة المفروضة مؤثّرة في الإيجاب على ما هو المفروض وهي مع ذلك مسبّبة عن ذلك الأسباب فكانت الأسباب مؤثّرات في الإيجاب بالواسطة.
وعلى هذا القياس يقرّر الكلام في سائر الأسباب المذكورة وغيرها ممّا لم يذكر ، وعليه لا باعث أيضا على الخروج عن ظواهر الأدلّة بل يحكم على جميع الأسباب الشرعيّة بالمؤثّريّة ، أخذا بموجبها ، إلاّ أن يدّعى ظهور المؤثّريّة المستفادة عنها فيما يكون بلا واسطة ، فحينئذ يرجع النزاع بيننا وبين أهل القول بالمعرّفيّة لفظيّا ، حيث انّهم يسمّون ما كان مؤثّرا بالواسطة وما كان عنوان السببيّة فيه ممّا اعتبره الشارع بالمعرّف تخصيصا منه للمؤثّر بما يكون بلا واسطة وكان سببيّته عقليّة ، ونحن نخالفه ونجعل المؤثّر للأعمّ وإن لم يكن ممّا يساعده ظواهر الأدلّة ، فإنّ عدم ظهور الخطاب في المؤثّر بواسطة لا يقضي بانسلاخ عنوان المؤثّريّة عنه كما هو الحال في سائر الألفاظ الظاهرة في بعض أفراد معانيها دون بعض.
فمحصّل المطلب أنّ الأسباب الشرعيّة كالعلل العقليّة مؤثّرات ولو بالمعنى الأعمّ ، فالمدّعي للمعرّفيّة إن كان كلامه راجعا إلى إنكار هذا المعنى فهو غير مسموع بل مردود عليه بما ذكر ، وإن كان راجعا إلى إنكار ما هو أخصّ منه فلا ينكر عليه ذلك ، غير أنّه يعود النزاع لفظيّا كما عرفت.
وانتظر لتمام الكلام في الأسباب الشرعيّة في دفع كلام آخر للنراقي في دعواه أصالة التداخل في الأسباب.
الأمر الخامس : قيل كما عن المحقّق الخوانساري أنّ الأصل مع القائلين بالتداخل ، لأنّ المقطوع به هو التكليف بالواحد والزائد مشكوك ينفيه الأصل.
وعن غيره أنّه عكس الأمر إذ اليقين بالشغل يستدعي اليقين بالبراءة فالاحتياط لازم ولا يتأتّى إلاّ بالزائد ، مضافا إلى استصحابات عديدة قاضية ببقاء التكليف إلى الإتيان بآخر المسبّبات.
وقد يحاكم بينهما بأنّ الأقرب أن يقال : إنّ هاهنا مقامات يختلف فيها الأصل ، فهو في مقامين منها مع القائلين بالتداخل ، وفي مقام آخر مع النافين.