الحاصل عن كلّ سبب إنّما هو ما يوجب تأكّد الوجوب ، حتّى يكون المسبّب عن الجميع الوجوب المتأكّد. أو تواردها على مسبّب واحد على نحو يستند الأثر إلى بعض منها لا على التعيين وكان الباقي فارغا عن التأثير مجامعا مع الأوّل من باب المقارنات الاتفاقيّة.
فإن حاولوا الأوّل يرد عليهم : أنّه مقالة بما لا يعقل ، بل بما يكذّبه ضرورة الوجدان وبداهة العقل ، فإنّ الموجود كيف يوجد ثانيا والحاصل كيف يتحصّل في آن واحد بحصولات عديدة؟
وإن حاولوا الثاني يردّهم : أنّكم تتسالمون معنا إنّ كلّ واحد من تلك الأسباب إذا وجد منفردا كان سببا مستقلاّ فأيّ شيء أخرجه عن الاستقلال حال الاجتماع؟
فإن قلتم : بأنّ الداعي إليه منافاة مقتضاها حال الاجتماع وعدم امكان كونها أسبابا تامّة في مسبّب واحد.
يرد عليكم : أنّه أيّ منافاة وأيّ امتناع في فرض كون كلّ سببا تامّا في مسبّب غير مسبّب الآخر ، ولزوم مخالفة الأصل على ما زعمتموها لا يصلح داعيا إلى هذا الأمر الشنيع المخالف للظاهر والاعتبار ، كما أنّ لزوم الخروج عن مقتضى الأصل لا يزاحم لزوم الخروج عن مقتضى ظاهر الأدلّة.
وإن حاولوا الثالث يتوجّه إليهم : أنّ الأدلّة إذا اقتضت كون كلّ سبب سببا لأصل الوجوب فأيّ شيء دعاكم إلى الخروج عن مقتضاها بجعل ما عدا السبب الواحد سببا لتأكّد الوجوب لا أصله؟
فإن تشبّثتم بقضيّة المنافاة أو الامتناع يردّكم ما تقدّم ، فإنّ الخروج عن الظاهر إنّما يتّجه مع تعذّر الظاهر وقد منعنا تعذّره بالتزام تعدّد المسبّبات على حسب تعدّدها.
وإن حاولوا الرابع يلزمهم الخروج عن مقتضى الأدلّة بالقياس إلى ما يفرضون وجوده من باب المقارنات ، فإنّ ذلك حال انفراده بالوجود كان سببا تامّا باتّفاق منّا ومنهم ، فأيّ شيء سلخ عنه ذلك العنوان وألبسه ثوب اللغويّة والعبثيّة؟
فإن قلتم : بأنّه لا محلّ له بعد ما أثّر غيره في المسبّب.
قلنا : إن أردتم بالمحلّ نفس ذلك المسبّب فنحن نفرض محلّه مسبّبا آخر قبالا لذلك المسبّب ، وإن أردتم به متعلّق ذلك المسبّب فإنّما يتّجه ذلك لو فرض المتعلّق واحدا شخصيّا وهو ليس بلازم ، لجواز كون المتعلّق الواحد بالنوع القابل للتعدّد والتكثّر باعتبار تعدّد