ولو فرض كونه نافيا لما أثبته ذلك الشرط فلا يحتاج إلى تقييده بانتفاء سائر الشروط ، لفرض عدم مدخليّتها في الحكم الخاصّ المعلّق على ذلك الشرط.
وأمّا الثاني : فلأنّ المقصود بالتأويل إن كان رفع التنافي بين المناطيق والمفاهيم فهو لا يتأتّى بمجرّد التصرّف في المناطيق ، مع أنّ هذا الوجه يرجع إلى ثاني الوجوه الاولة والفرق بينهما اعتباري باعتبار الانضمام والتقييد.
وأمّا الثالث : فلأنّ بعض المناطيق لو قيّد بحالة انتفاء الشرط في المنطوق الآخر لم يرتفع التنافي المتوهّم بين مفهومه والمنطوق الآخر ، ولو قيّد بصورة اجتماع شرطه مع شرط المنطوق الآخر لم يترتّب عليه الفائدة المقصودة من التعليق ، لكون الشرط في المنطوق الآخر مستقلاّ في السببيّة ، ففرض الشرط المقيّد معه كان كالحجر الموضوع في جنب الإنسان.
وقد يوجّه ذلك : بكون اعتبار ذلك من جهة أنّه كاشفيّ غالبيّ عن وجود المطلق لا لمدخليّته في التأثير حتّى ينافي استقلال المطلق ، وهذا كما ترى ممّا لا يكاد يتعقّل ، ضرورة أنّ القيد إمّا أن يفرض اعتباره في موضع العلم بوجود المطلق معه كان الإشكال باقيا ، وإلاّ لم يعلم تحقّق شرط اعتباره وهو الاجتماع ، ومعه لا يعقل كونه كاشفا.
وأمّا الوجوه الاولة : فأوجهها وأوفقها بظاهر اللفظ أوّلها ، حيث لم يعلم وحدة التكليف لما فيه من رجحان التأسيس على التأكيد ، وعدم الخروج عن الظاهر لا في الشرط ولا في الجزاء ولا في التركيب ، مع أنّه المنساق إلى الذهن في متفاهم العرف ، وعليه مبنى أصالة عدم التداخل في الأسباب والمسبّبات ـ على ما حقّقناه في رسالة منفردة (١) ـ استنادا إلى ظهور أدلّة الأسباب.
وملخّصه : أنّ تعدّد أسباب الوجوب مثلا بمقتضى ظهور أدلّة سببيّتها يقتضي تعدّد الوجوب ، وتعدّد الوجوب يقتضي تعدّد الواجب ، وتعدّد الواجب يقتضي تعدّد الامتثال ، وحيث ثبت التداخل كان خروجا عن أحد هذه الظهورات الثلاث ، مع أنّه لولاه لزم الخروج عن الظاهر من غير داع وتطرّق التقييد إلى المطلق من غير شاهد ، ومرجعه إلى عدم التعارض بعد البناء على تعدّد الجزاء على حسب تعدّد الشروط كما هو قضيّة ظاهر التعليق في القضايا ، فإنّ المفهوم رفع للحكم المنطوقي وهو عبارة عن الحكم المنوط
__________________
(١) وهي الرسالة المسمّاة بـ « رسالة في عدم تداخل الأسباب والمسبّبات » وحتّى اليوم مخطوطة ونسأل الله تعالى أن يوفّقنا لنشره وطبعه ، إن شاء الله تعالى.