الدعاء في الاستجابة ، فانتفاؤها لانتفاء سببها باعتبار انتفاء قيده الّذي هو شرط لتأثيره ، نظرا إلى أنّ انتفاء الشرط الموجب لانتفاء الجزاء أعمّ من انتفائه لذاته أو انتفاء شرط من شروط تأثيره ، فكان اشتباهه في أنّه زعم أنّ الآية من عدم استلزام الوجود للوجود لجهله بكون الوفاء بالعهد شرطا لتأثير الشرط ، فدلّه الإمام عليهالسلام على أنّه من استلزام الانتفاء للانتفاء ببيان شرط التأثير الّذي هو المنتفي ، ففهم المفهوم من التعليق وفهمه عليهالسلام حجّة.
ومنها : ما رواه عبيد بن زرارة قال : سألت الصادق عليهالسلام عن قوله تعالى ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )(١) قال : ها ابيّنها من شهد منكم الشهر فليصمه ومن سافر فلا يصمه. (٢) يعني لا يجب عليه صومه ، كما هو قضيّة الانتفاء عند انتفاء الشرط ، فالتعبير عنه بصيغة النهي توسّع وهو في مثل المقام متداول ، ويمكن إبقاؤه على ظاهره بملاحظة الحرمة من حيث التشريع كما ثبتت في الشرع.
والمناقشة في الدلالة بأنّ الحاجة ببيان المفهوم دليل على انتفاء الدلالة عليه في اللفظ ، لأنّ السائل من أهل اللسان والمفروض جهله بالمفهوم وإلاّ لما حاجة له إلى السؤال.
يدفعها : أنّ السؤال لم يقع لجهله بالمفهوم بل لجهله بما اريد من الشهود الّذي اخذ شرطا في الآية ، نظرا إلى أنّه يطلق تارة على الحضور المطلق ، واخرى على الحضور الخاصّ المقابل للسفر المعبّر عنه « بالحضر » ، فتوهّم أنّ التعليق الوارد فيها ليس في محلّه ، لسبق ذهنه إلى الحضور المطلق الّذي يعمّ الجميع ولا يختصّ ببعض دون آخر ، فدلّه الإمام عليهالسلام على أنّ المراد به الحضور الخاصّ بمعنى الحضر ، فيكون تقدير الآية في حاصل المعنى : من كان حاضرا في الشهر غير مسافر فليصم ما دام حاضرا ، وانتصاب « الشهر » حينئذ على الظرفيّة كما نصّ عليه في المجمع ، فينهض فهمه عليهالسلام المفهوم دليلا على المطلوب.
ومنها : ما عن أبي أيّوب الخزّاز في الحسن أو الصحيح عن الصادق عليهالسلام في حديث : فإنّ الله جلّ ثناؤه يقول : ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ )(٣) فلو سكت لم يبق أحد إلاّ تعجّل ، ولكنّه قال : ( وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ )(٤).
وهذا في الدلالة على ظهور الجملة الشرطيّة بلفظها عند عامّة أهل اللسان في المفهوم في غاية الوضوح ، فإنّ إخبار الإمام عليهالسلام بعدم بقاء أحد إلاّ تعجّل على تقدير السكوت عن
__________________
(١) البقرة : ١٨٥.
(٢) الكافي ٤ : ١٢٦ والوسائل ٧ : ١٢٥ ، الباب ٤ من أبواب من يصحّ من الصوم ، ح ٨.
(٣) البقرة : ٢٠٣.
(٤) الكافي ٤ : ٥١٩ ، ح ١ والوسائل ١٤ : ٢٧٥ والبحار ٩٦ : ٣١٥.