ممّا وضع له ، لأنّه بحيث يلزم من تصوّره تصوّر الانتفاء عند الانتفاء ، لوضوح أنّه لو [ لا ] انتفاؤه عند انتفاء الشرط كان معناه أنّه يوجد بدون وجود الشرط وهو خلف ، لمنافاته ما فرض من كون وجوده مترتّبا على وجوده ، ومعناه أنّه لا يوجد بدون وجوده وهو المطلوب.
وبالجملة المتبادر من القضيّة المفيدة لتعليق الجزاء على الشرط كون الشرط ما يلزم من وجوده وجود الجزاء ، على معنى كون وجود الجزاء ناشئا من وجود الشرط على ما هو مفاد كلمة « من » النشويّة ، وظاهر أنّ كون شيء بهذا الوصف يقتضي أن يلزم من عدمه العدم أيضا.
ولذا ذكرنا في بحث المقدّمة عند شرح السبب في معناه الاصطلاحي أنّ لزوم العدم من العدم ممّا لا حاجة إلى أخذه في تعريفه بما يلزم من وجوده الوجود ، لأنّ الشيء إذا كان لازما لوجود شيء يلزمه أن يعدم عند عدمه ، وإلاّ لا يكون وجوده لازما من وجوده ، فلزوم العدم من العدم خارج عن لزوم الوجود من الوجود ولازم له باللزوم البيّن ذهنا وخارجا ، ومرجعه إلى حصول تصوّر اللازم من تصوّر الملزوم.
وقضيّة اللزوم المذكور كونه مرادا للمتكلّم بالقضيّة عند إطلاقها تبعا لإرادة الملزوم ، لعدم انفكاك إرادته من إرادته ، وحيث استعملت القضيّة فيما لا مفهوم لها كانت مجازا ، لأنّ مرجع عدم إرادة الانتفاء عند الانتفاء إلى عدم إرادة لزوم وجود الجزاء من وجود الشرط ـ ولو باعتبار إرادة لزوم وجوده من وجود أحد أمور منها الشرط ـ فإنّه خلاف ما وضع له ، فإرادته دون ما وضع له تجوّز ، فليتدبّر.
واستدلّ أيضا بفهم أهل اللسان من أصحاب الرسول صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام ، بل النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام بأنفسهم كما يكشف عنه جملة من الأخبار :
منها : ما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال له رجل جعلت فداك أنّ الله تعالى قال : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )(١) فإنّا ندعو ولا يستجاب لنا؟ قال : إنّكم لا توفون لله بعهده ، وأنّ الله تعالى يقول : ( أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ )(٢) « والله لو وفيتم لله لوفى لكم » (٣).
وجه الاستدلال : أنّ الإمام عليهالسلام دلّ السائل على أنّ انتفاء الاستجابة في مورد الآية إنّما هو لانتفاء شرطها أعني سببها ، ببيان : أنّه ليس هو الدعاء المطلق ، بل الدعاء المقارن للوفاء لله بعهده وهو الإطاعة له في كلّ ما يأمر وينهى ، فالوفاء لله بالعهد شرط لتأثير
__________________
(١) غافر : ٦٠.
(٢) البقرة : ٤٠.
(٣) تقسير عليّ بن إبراهيم ١ : ٤٦ والبحار ٦٦ : ٣٤١.