لنا : أنّ قول القائل : « أعط زيدا درهما إن أكرمك » يجرى في العرف مجرى قولنا : الشرط في إعطائه إكرامك والمتبادر من هذا انتفاء الإعطاء عند انتفاء الإكرام قطعا ، بحيث لا يكاد ينكر عند مراجعة الوجدان فيكون الأوّل أيضا هكذا* (١). وإذا ثبت الدلالة على هذا المعنى عرفا ، ضممنا إلى ذلك مقدّمة اخرى ، سبق التنبيه عليها ، وهي أصالة عدم النقل ، فيكون كذلك لغة.
________________________________
بعض الأعاظم وغيره ، بل سببيّة المقدّم للتالي الّتي هي معنى الشرطيّة تستفاد من هذه الكلمات وما يؤدّي مؤدّاها ، فالنزاع في الحقيقة في تحقيق مدلولها ، وإلاّ فقد ذكرنا سابقا أنّ الجملة الشرطيّة في أصلها جملتان حمليّتان لا يقتضي إحداهما لذاتها ربطا ولا ارتباطا بالاخرى ، والرابط لإحداهما بالاخرى على ـ معنى ما يفيد الربط السببي ـ هو الأداة وما بمعناها ، وحاصل معنى الربط السببي ـ على ما بيّنّاه سابقا ـ هو النسبة بين الجملتين من حيث ترتّب مضمون ثانيتهما على مضمون اولاهما في الوجود.
(١) * الظاهر أنّه أراد بلفظ « الشرط » في تفسير مفاد الجملة الشرطيّة المذكورة معناه العرفي المتقدّم في المقدّمة الاولى من مقدّمات المسألة ، وهو ما يتوقّف عليه وجود الشيء مطلقا ، لا المعنى المصطلح الاصولي ليرد عليه : أنّ الجملة الشرطيّة تفيد أزيد من ذلك.
وقد عرفت أنّ الشرط بالمعنى العرفي يعمّ جميع المقدّمات حتّى الأسباب ، فإذا اريد منه في عبارة الدليل ذلك المعنى من حيث تحقّقه في ضمن السبب رجع محصّل الدليل إلى دعوى تبادر السببيّة على وجه الانحصار ، أو أنّ المتبادر ممّا يتوقّف عليه وجود الشيء انتفاء الشيء عند انتفائه ولو تبادرا ثانويّا.
وبالجملة فالحقّ والصحيح من أقوال المسألة هو دلالة التعليق بالشرط على الانتفاء عند الانتفاء التزاما وضعيّا.
والعمدة من دليله هو التبادر من القضيّة باعتبار ما يفيد معنى الشرطيّة عند إطلاقها ، ونعني بالتبادر الانتقال إلى انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط من تبادر كون الشرط بحيث يترتّب على وجوده وجود الجزاء ، أو تبادر كون الجزاء بحيث يترتّب وجوده على وجود الشرط وهذا مدلول مطابقي وانتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط مدلول التزامي باللزوم البيّن