وقالت الأشاعرة : الواجب واحد لا بعينه ، ويتعيّن بفعل المكلّف* (١).
__________________________________
ومما يرشد إلى ما قرّرناه ما رواه الشيخ في باب كيفيّة الصلاة من التهذيب عمّن ذكره عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن الركعتين الأخيرتين ما أصنع فيهما؟ فقال : إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب وإن شئت فاذكر الله فهو سواء.
قال : قلت : فأيّ ذلك أفضل؟ فقال : هما والله سواء إن شئت سبّحت وإن شئت قرأت (١).
بتقريب : أنّ التعليق على المشيّة هو معنى التخيير والقضيّتان واردتان على حدّ الانفصال الحقيقي.
ومن البيّن أنّ المشيّة إذا تعلّقت فيما بين الأمرين بأداء أحدهما يمتنع تعلّقها بأداء الآخر ، لكونها ملزومة للصارف عن الآخر أو لمشيّة تركه وهما ملزومان للترك ، فيكون وجوب ما تعلّقت به المشيّة ثابتا له حال ترك الآخر ، لكون ما تعلّق به المشيّة ملزوما لترك ذلك الآخر ، والمفروض تعلّق الأمر في صريح اللفظ بكلّ منهما بالخصوص مقيّدا بأمر عدمي ملازم لإلغاء جهة التعيين بعد اعتبار الخصوصيّة وملاحظتها.
* وعبّر عنه بعض الأفاضل بمفهوم « أحدهما » وهو خطأ ، إذ لم نجد في كلام أحد من أصحاب هذا القول التعبير بذلك ، وكأنّه نشأ عمّا في كلام جماعة ـ منهم بعض الأعلام ـ من تفسير واحد لا بعينه بالكلّي فرقا بين هذه المقالة ومقالة المعتزلة وستعرف فساد ذلك أيضا.
وكيف كان فهذا القول عزاه الفاضل المشار إليه إلى جماعة من الخاصّة والعامّة ، وممّن ذكره منهم مضافا إلى ما نذكره العلاّمة في النهاية ونهج الحقّ والشهيد والمحقّق الكركي والمحقّق الخوانساري.
ثمّ قال : « وعن القاضي حكاية إجماع سلف الامّة عليه ، وحكاه في العدّة عن شيخنا المفيد وعزاه في نهج الحقّ إلى الإماميّة مؤذنا بإطباقهم عليه ». انتهى.
وعليه الحاجبي وغير واحد من شرّاح مختصره والبيضاوي في المنهاج وشارحه في معراج الوصول.
ومن أصحابنا الفاضل النراقي في المناهج ، قال : « الواجب في المخيّر هو الواحد لا بعينه ، لا الماهيّة في ضمن أيّ فرد شاء ، ولا كلّ واحد على البدل إلاّ بإرجاعهما إلى الأوّل ، ـ إلى
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٢ : ٩٨.