فيه ، فلا يصحّ التوكيل في عتق العبد الغير المموك كما لا يصحّ التوكيل في بيع الخمر ونحوه ، ولك أن تقول : بأنّها من حيث إنّها قبول للبيع على القول بجواز تقديمه على الإيجاب ووقوعه بالأمر ، يتوقّف صحّته على قصد التملّك.
وأمّا ما يفتقر إلى المقدّمة العرفيّة فكدلالة الإيماء ، نظرا إلى أنّ الدلالة على قصد العليّة والتعليل إنّما تثبت بواسطة الاستبعاد العرفي.
فدلالة التضمّن ودلالة الإشارة وإن كانتا متشاركان في التبعيّة وعدم أصالة القصد إلاّ أنّهما متمايزان في استقلال الخطاب بالإفادة وعدمه.
وهذا هو الباعث على كون الاولى من الصريح والثانية من غير الصريح ، وبينهما فرق آخر وهو : أنّ التبعيّة في الاولى لأصل الدلالة وفي الثانية للمدلول ، لوضوح أنّ المدلول الالتزامي منفصل عن المدلول المطابقي ، وقد يكون مقصودا من الخطاب لكن لا أصالة بل تبعا ، لئلاّ يلزم الكذب أو بيان خلاف الواقع أو نحوه ممّا لا يجوز على الحكيم في الخطاب بالقياس إلى ما هو المقصود بالأصالة.
ومن الأفاضل من أورد على حصر دلالة الاقتضاء في الأنواع الثلاث المذكورة بخروج ما يتوقّف عليه صحّة الكلام لغة أو عرفا ، حيث قال : « وأنت خبير بأنّ ما ذكروه غير حاصر لوجوه دلالة الالتزام ممّا لا يندرج في المقام.
والأولى في التقسيم أن يقال : إنّ الدلالة الالتزاميّة ممّا لا يعدّ من المفهوم إمّا أن تكون مقصودة للمتكلّم بحسب العرف ولو بملاحظة المقام أو لا ، وعلى الأوّل فإمّا أن يتوقّف صدق الكلام أو صحّته عقلا أو شرعا أو لغة أو عادة عليه أو لا.
فالأوّل هو دلالة الاقتضاء كما في الأمثلة المتقدّمة وقوله : « نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض » فإنّ صحّته لغة يتوقّف على تقدير « راضون » وقولك : « رأيت أسدا في الحمّام » فإنّه يتوقّف على صدور كون الأسد في الحمّام بحسب العادة على إرادة الرجل الشجاع منه » ـ إلى أن قال ـ : « والظاهر أنّ معظم القرائن العقليّة واللفظيّة القائمة على إرادة المعاني المجازيّة من قبيل دلالة الاقتضاء كما في قوله تعالى : ( يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ )(١) وقولك : « رأيت أسدا في الحمّام » و « جرى النهر » وإن كان دلالة نفس المجاز على معناه من قبيل دلالة المطابقة » انتهى.
__________________
(١) الفتح : ١٠.