المعتزلة ، وعزاه في المنية إلى أصحابنا ومحقّقي المعتزلة وهو يومئ إلى إطباق أصحابنا عليه ، ومثله ما في كلام بعض الأعلام من نسبته إلى أصحابنا وجمهور المعتزلة.
وفي كلام بعض الأفاضل : « أنّه ما اختاره كثير من أصحابنا كالسيّد والشيخ والمحقّق والعلاّمة في بعض كتبه » وكأنّه إشارة إلى ما في التهذيب من اختياره ذلك ، ولكن العجب منه أنّه مع مصيره إليه هنا صرّح عند تحديد الواجب : « بما يذمّ تاركه » بكون الواجب في المخيّر هو الكلّي الّذي فسّره بعضهم بالصادق على الخصال المتعدّدة.
وربّما يشكل الحال في توجيه العبارة الواقعة في كلام هؤلاء عند تفسير قولهم : « بوجوب كلّ واحد على البدل » على وجه يخالف سائر الأقوال ، وإلاّ فهي بظاهرها لا تبائن القول بكون الواجب واحدا معيّنا عند الله وهو الّذي يفعله المكلّف الّذي يتبرّأ عنه كلّ من المعتزلة والأشاعرة ويسنده كلّ إلى صاحبه ، لأنّ هذا القائل يتسالمهم في دعوى المقدّمة الاولى وهو عدم وجوب الجميع ، بمعنى عدم وجوب كلّ واحد على التعيين لا مع الاجتماع ولا مع التفريق ، وكذلك في دعوى المقدّمة الثانية وهي عدم جواز الإخلال بالجميع بأن لا يأتي بشيء من الخصال ، ولا ريب أنّ المقدّمة الثالثة أيضا لا تنافي مقالته لجواز أن يقول : بأنّ كون ما يفعله المكلّف هو الواجب بالأصالة ، من جهة أنّ فعل المكلّف يكشف عن أنّ ما فعله هو الّذي عيّنه الله تعالى في حقّه ، وذلك يختلف باختلاف المكلّفين في الفعل.
ويمكن دفعه : بأنّ كون ما فعله المكلّف واجبا بالأصالة ليس من جهة أنّ فعله كاشف عن أنّ ما فعله هو الّذي عيّنه الله تعالى في حقّه ، بل من جهة أنّه ما أوجبه الله تعالى بالخصوص ولم يعتبر فيه تعيينا عليه ، وخيّر بينه وبين معادله الّذي أوجبه بالخصوص ولم يعتبر فيه تعيينا ، فكون الشيء واجبا بالأصالة يرد على معنيين ، أحدهما : ما اعتبر فيه التعيين مضافا إلى تعلّق الطلب به بالخصوص وثانيهما : ما تعلّق به الطلب بالخصوص وإن لم يعتبر فيه تعيين.
والقول المذكور يراد به المعنى الأوّل ومراد الجماعة من العبارة المذكورة هو المعنى الثاني ، فهما يشتركان في دعوى مدخليّة الخصوصيّة فيما يتّصف بالوجوب ، ويفترقان في دعوى اعتبار التعيين على المكلّف أيضا وعدم اعتباره فيما يتّصف بالوجوب ، وإنّما هو في مقام الامتثال موكول إلى اختيار المكلّف ومشيّته ، ولذا تراهم يوردون على القول المذكور بكونه منافيا للتخيير الّذي هو محلّ الكلام ، وقولهم : « أيّها فعل » في العبارة المذكورة بيان لهذا المعنى.