أنّها شرط في حدوث التكليف فكذلك في بقائه ، وأمّا الكلام في تحقّق العصيان وعدمه فيبتني على ما سبق في بحث الواجب الموسّع وحال الأجزاء الباقية كما تقدّم (١).
وما يقال : من أنّ الّذي يظهر من خطاب الموالي لعبيدهم وجميع الآمرين لمأموريهم والشارع للمكلّفين سواء خاطبوا مجملا أو مفصّلا أنّ هناك خطابين أحدهما متوجه إلى الطبيعة المشتركة بين الأجزاء والآحاد ، وثانيهما إرادة ذلك العدد المخصوص من بين الأعداد فالإتيان بالبعض من حيث البعضيّة وخصوص الجزئيّة لا مانع من أن يتعلّق به النيّة ويثاب على الخصوصيّة فإن اريد به أنّ الخطابين يقصدان من لفظ واحد ، فمع أنّه خلاف ظاهر الخطاب ومخالف لما صرّحوا به في مسألة الصحيحة والأعمّ من اتفاق الفريقين على كون الماهيّة المخترعة في حيّز الطلب متّصفة بالصحّة ومشتمل على اعتبار زائد يغني عنه من اعتبار خطاب آخر بالعدد المخصوص لكونه فردا من الطبيعة المشتركة فيغني الخطاب لها عن خطاب آخر به يستلزم ثبوت التخيير بين هذا العدد وبين غيره من أفراد الطبيعة المشتركة إن اعتبر الخطابان في مرتبة واحدة ، أو كون الأمر مستعملا في معنيين الوجوب المطلق والوجوب المشروط إن فرضا في مرتبتين لكون الأمر بالنسبة إلى ما عدا العدد المخصوص مشروطا بعدم التمكّن عن هذا العدد واللازم بكلا قسميه باطل ، مع ما عرفت من بطلان التعليق من الشارع في بعض صوره الّذي يندرج فيه المقام.
وإن اريد منهما يقصدان من لفظين أحدهما : ما ورد في خصوص العدد المخصوص وهو الكلّ بما هو كلّ ، وثانيهما : ما ورد في غيره ممّا يشمل ما عدا العدد المخصوص من مراتب النقصان ، فهو مع أنّه خارج عن مفروض الكلام من جهة كون التكليف بما عدا الكلّ حينئذ مستفادا عن خطاب آخر غير ما ورد فيه من الأمر المتعلّق به إنّما يستقيم إذا فرض الخطاب فيما بين هذا العدد وبين غيره ممّا نقص عنه لا بينه وبين الماهيّة المشتركة بينه وبين غيره لئلاّ يلزم تعلّق الأمر بالقدر المشترك بين المقدور وغيره. وهو محال كتعلّقه بغير المقدور فقط ، وظاهر العبارة المعنى الثاني كما لا يخفى.
__________________
(١) وقد وقفنا بعد مدّة طويلة من زمن الفراغ عن تحقيق المسألة على موافقة الفاضل النراقي في عوائده حاكيا عن صاحب المدارك والمحقّق الخوانساري ، استنادا إلى ما يرجع إلى ما قرّرناه من الدليل وهو أنّ وجوب الإتيان بالأجزاء الممكنة أو استحبابه خلاف الأصل ، والأمر بالكلّ لا يستلزم الأمر بالأجزاء إلاّ تبعا واذا انتفى المتبوع انتفى التابع ( منه ).