ولا ريب أنّ هذه قضيّة تصدق مع الفرض المذكور ومعه كيف يقال بكونه أداء.
والقول بأنّ الأمر الأوّل لو لم يكن موجبا للقضاء لكان إيجاب القضاء مخالفا للظاهر ، واضح المنع بما أشرنا إليه سابقا من كون العبارة الواردة في إفادة الأمر الأوّل ساكتة عن حكم خارج الوقت نفيا وإثباتا ، فثبوت ذلك الحكم بخطاب آخر لا ينافيه ، مع أنّه لو قلنا بالدلالة على النفي بناء على حجّية مفهوم الزمان وغيره اتّجه المنع إلى بطلان التالي ، ضرورة أنّ الظاهر ربّما يدفع بالنصّ والأظهر.
وقد يستدلّ على ما ذهب إليه الخصم مضافا إلى الوجوه المتقدّمة بوجوه اخر أوضح فسادا.
منها : كقوله عليهالسلام : « إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم » و « الميسور لا يسقط بالمعسور » و « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » وأنّ الغالب وجوب القضاء فلابدّ له من مقتض والأصل عدم ما سوى الأمر الأوّل ، وأنّ الغالب في الأوامر ثبوت القضاء على تقدير فوات الفعل في وقته فيحمل عليه غيره.
والجواب عن الرواية الاولى ـ بعد سلامة سندها ـ : بأنّ الفعل المقيّد بما خرج من الوقت ليس ممّا يستطاع عليه في خارج الوقت.
نعم إنّما يستطاع على أصل الفعل لا بشرط الوقت وهو ليس بمأمور به على ما هو مفروض المقام.
وعن الثانية ـ مع القدح في سندها ـ : بأنّ المنساق منها كون كلّ من الميسور والمعسور مأمورا به على الاستقلال أو كونهما فردين من الكلّي المأمور به والمقام لا يندرج في شيء منهما.
لا يقال : أمر صوم يوم الخميس مع صوم يوم الجمعة فردان من الصوم المطلق فيندرج في الصورة الثانية وتشمله الرواية ، إذ لا يسقط صوم يوم الجمعة بتعسّر صوم يوم الخميس ، لأنّ ذلك إنّما يجدي إذا كان المأمور به الصوم المطلق وهذا هو محلّ البحث ، إذ المفروض تعلّق الأمر بالصوم المقيّد بالخميس وتعلّقه معه بالمطلق أوّل الكلام ، كما أنّ تعلّقه بالمقيّد بالجمعة مقطوع بعدمه.
فإن قلت : المطلق في ضمن المقيّد بعد فوات المقيّد ميسور ، والمفروض أنّه جزء من المقيّد والّذي خرج معسورا إنّما هو جزؤه الآخر وهو القيد فيشمله الرواية.