أحدهما : اعتبارها مطلقة معرّاة عن الزمان وغيره.
والآخر : اعتبارها مقيّدة بزمان أو مكان أو غيرهما.
وقضيّة ذلك عدم انتفاء الأوّل بانتفاء الثاني لفوات قيده ، فالتركّب الخارجي على القول الأوّل بمجرّده لا يوجب كون أحد الجزءين ـ وهو الزمان أو المكان ـ موردا للحكم من حيث عدم صلوحه له ، كما أنّ مجرّد التركيب العقلي لا يقضي بكون مورد الحكم شيئا واحدا من حيث كون المقام صالحا لأن يلحقه الاعتباران في لحاظ الآمر ، فلا ملازمة في شيء من التقديرين.
ورابعها : لا خفاء في أنّ القول بكون القضاء بالفرض الجديد لا يكون موقوفا على القول بحجّية مفهوم الزمان ونحوه ، لما تبيّن في محلّه من أنّ مرجع ثبوت المفاهيم بأسرها إلى قضاء الخطاب بانتفاء سنخ الحكم عن غير محلّ النطق حتّى ما يثبت منه بخطاب آخر ، فلذا يقع التعارض بينه وبين المفهوم وهذا هو الّذي ينكره نفاة المفاهيم.
وأمّا الحكم الشخصي الّذي سيق لافادته الخطاب فلا خلاف بين الفريقين في بحث الحجّية وعدمها في انتفائه عمّا عدا محلّ النطق ، لكون العبارة الصادرة قاصرة عن إفادة ثبوت ذلك الحكم فيه وغير وافية بمشاركته لمحلّ النطق في الحكم المقصود منها.
ولا ريب أنّ الحكم بتوقّف القضاء على أمر جديد ممّا يتمّ بمجرّد الحكم باختصاص ذلك الحكم بمحلّ القيد ، ولو فرض الخطاب بالنسبة إلى نوعه ساكتا عن الدلالة على النفي.
نعم ربّما يشكل ما تقدّم منّا في بحث المفاهيم غير مرّة من دعوى عدم الخلاف في انتفاء الحكم الشخصي المقصود من القضيّة عن غير محلّ النطق كما نبّهنا عليه هنا أيضا ، نظرا إلى القول بكون القضاء تابعا للأداء ، فإنّ مرجع هذا القول بقرينة المقابلة إلى إنكار انتفاء الحكم الشخصي ، فيكون كلّ من النوع والشخص ممّا اختلف في الدلالة على انتفائه عن غير محلّ النطق وعدمها ، غير أنّ الخلاف على الأوّل بين قول بالدلالة على النفي وقول بمنع الدلالة عليه ، وعلى الثاني بين قول بالدلالة على الثبوت وقول بانكار تلك الدلالة ، فهذا في الحقيقة خلاف في المنطوق راجع إلى تعيين مقدار ما يستفاد من الخطاب من الحكم المنطوقي فليتدبّر.
وبعد ما عرفت هذه الامور ، فاعلم : أنّ الحقّ في المسألة ما عليه المحقّقون والأكثر من توقّف القضاء على ورود أمر جديد به.