وهو على المعنى المبحوث عنه هنا ما يقابله « الأداء » أو يقابلهما الإعادة في بعض الوجوه ، ومن الأعاظم من صرّح بكون الإعادة والقضاء من مستعملات الشارع بالقياس إلى ما يأتي من معنييهما مدّعيا عليه القطع ، بل المستفاد منه ثبوت الحقيقة الشرعيّة فهما خلافا لما حكاه عن بعضهم من دعوى كونهما من اصطلاحات القوم ، وهذا صحيح على فرض تحقّق ما قرّرناه في محلّه من مناط ثبوت الحقيقة الشرعيّة وهو موضع إشكال.
نعم لا ينبغي الاسترابة في ثبوت الحقيقة المتشرّعيّة فيهما ، بل وفي « الأداء » المقابل لهما ، غير أنّهم اختلفوا في تحديدها بما هو معتبر في مفاهيمها العرفيّة من القيود زيادة ونقيصة على ما يأتي.
ومن هنا جاء الخلاف بينهم في اعتبار النسبة فيها بين كلّ مع الآخر ، حيث إنّ الحاجبي جعل كلاّ مبائنا لصاحبيه ، ففرّق بين القضاء وأخويه بوقوعهما في الوقت ووقوعه خارج الوقت ، وفرّق بينهما بأوّلية وقوع الأداء وثانويّة وقوع الإعادة ، والسيّد في المنية جعل الأداء أعمّ من الإعادة بعدم اعتبار الأوليّة فيه مع مبائنتهما للقضاء بوقوعه خارج الوقت خاصّة وهو الّذي يقتضيه ظاهر العلاّمة أيضا.
وعن بعض الاصولييّن عدم اعتباره الفعل في الوقت في الإعادة ، فيكون النسبة بينها وبين كلّ واحد من الأداء والقضاء عموم من وجه ، لصدقها مع الأداء دون القضاء إذا فعلت العبادة في الوقت ومع القضاء دون الأداء إذا فعلت في خارجه ، وصدق كلّ واحد منهما بدونها إذا لم يكن مسبوقا باتيان شيء آخر.
ومن الاصوليّين (١) من جعل العبادات على أنواع ثلاث ، منها : ما لا يوصف بشيء من الأداء والإعادة والقضاء ، وهو ما لم يعيّن له في الشريعة وقت كالأذكار والنوافل المطلقة.
ومنها : ما يوصف بالأداء والإعادة دون القضاء ، وهو ما عيّن له وقت ولم يكن الوقت محدودا كالحجّ ، ولا ينافيه إطلاق القضاء على الحجّ المستدرك لحجّ فاسد ، لأنّه مجاز من حيث إنّه يشابه المقضي في الاستدراك.
ومنها : ما يوصف بالأداء والإعادة والقضاء ، وهو ما عيّن له وقت محدود كالفرائض اليوميّة.
فتقرّر بما ذكر أنّ مورد هذه الأوصاف بأجمعها ما يكون من العبادات موقّتا دون ما يكون موسّعا بمعناه الأعمّ المتناول للمضيّق باعتبار الرخصة دون الإجزاء وهو غير موقّت ،
__________________
(١) شارح المختصر في بيانه ( منه ).