عن عهدته ، ومجرّد ثبوت القضيّة الشأنيّة في متن الواقع ما لم تنته إلى الفعل لا يكفي في ترتّب آثار التكليف عليه.
وأمّا لو حصلت المخالفة فيها وعلم بها أيضا بعد العمل على مقتضى تكليفه الظاهري مع بقاء الوقت فهو محلّ البحث في المقام.
فنقول حينئذ : لا مانع في حكم العقل من تعلّق الحكم الواقعي به في تلك الصورة ، وكونه مخاطبا بالصلاة مع الطهارة الواقعيّة ولو كان ذلك قبل تبيّن المخالفة ، لكونه على فرض ثبوته من باب الأمر بما علم الآمر بلحوق زوال العذر والمانع عن التكليف.
وقد تقدّم أنّه ممّا يجوّزه العقل ، والمفروض أنّ المقتضي أيضا وهو عموم الخطاب موجود ، فيكون في متن الواقع مكلّفا بغير ما أتى به وإن كان هو لا يعلم به ما دام عدم تبيّن المخالفة ، ولا يستلزم ذلك محذورا بعد لحوق تبيّن المخالفة الكاشف عن كون تكليفه بحسب الواقع في غير ما أتى به.
ومن المعلوم أنّ هذا التكليف أيضا ممّا يقتضي الخروج عن العهدة ولم يحصل ، ولا يجزيه الإتيان بما وافق تكليفه الظاهري ، ولا ينافيه دليل ذلك التكليف لما عرفت من قضيّة كونه معتبرا من باب الطريقيّة.
وقد تبيّن كذبه وعدم إيصاله للمكلّف إلى ما هو مطلوب منه في الواقع ، مع إمكان استفادة هذا الحكم عن نفس ذلك الدليل ، كما يفصح عنه ملاحظة الغاية في جملة من الأخبار الاستصحابيّة كما لا يخفى ، وخصوص قوله عليهالسلام في خبر زرارة وغيره : « وإنّما تنقضه بيقين آخر » ونحو ذلك بعد قوله عليهالسلام : « ولا ينقض اليقين أبدا بالشكّ ».
هذا كلّه على حسب القواعد الاصوليّة المفروضة مع الاغماض عمّا يرد عليها من الأدلّة الشرعيّة فيكون كلاما تامّ الجريان في جميع موارد مخالفة الحكم الظاهري للواقعي ولا اختصاص له بالمقام.
ومن جملة تلك الموارد ما لو عمل المجتهد على مقتضى ظنّه الاجتهادي فانكشف له بعد العمل مخالفة ظنّه للواقع ، وفي حكمه مقلّده العامل على مقتضى هذا الظنّ ، فمع بقاء الوقت يجب عليهما الإعادة ، ومع خروجه يبتنى على مسألة القضاء ، ولا ينافيه قيام الدليل الشرعي من اجماع ونحوه على الخلاف ، لأنّه حكم على تقديره ثبوته وارد على خلاف الأصل.
ومن هنا تبيّن عدم منافاة ما في خبر زرارة في الصحيح الّذي عدّوه من أدلّة حجيّة