جهله ـ كما أنّه يجوّز شموله قبل الوقت معلّقا تعلّقه أو حصول متعلّقه على دخول الوقت ـ أو لا يجوّزه ؛ كما أنّه لا يجوّز شموله لمن له العذر المستغرق.
وثانيا : في مقتضى دلالة الشرع الواردة في البدل بالقياس إلى جميع موارده ، من حيث إنّها في اقتضاء البدليّة هل هي مقيّدة بما دام العذر باقيا أو مطلقة حتّى بالقياس إلى ما بعد زوال العذر ، فهاهنا مقامات يظهر الثمرة في أوّلهما فيما لو قلنا في المقام الثانى بعدم الإطلاق في دلالة الشرع على البدليّة ، مع قولنا في المقام الأوّل بجواز شمول الخطاب حال العذر عقلا بأحد الوجهين الجاريين في التعليق ، فحينئذ يجب على المكلّف الاقدام على أداء المأمور به الواقعي بمجرّد زوال عذره لوجود المقتضي ـ وهو ظاهر الخطاب المتناول بعمومه المتمكّنين أوّل الوقت ـ وفقد المانع ، لكون زوال العذر ممّا يكشف عن عدم تحقّق ما يمنع عن شمول ذلك الظاهر له كشموله لغيره وهو العذر المستغرق لجميع الوقت ، والمفروض أنّه لا مانع في المقام سواه.
ومن البيّن لزوم وجود الشيء عند وجود مقتضيه وفقد مانعه ؛ كما أنّه يظهر الثمرة في ثانيهما فيما لو بنينا فيه على إطلاق تلك الدلالة ، فحينئذ ينزّل ذلك الإطلاق العذر المنقطع منزلة العذر المستغرق في قضائه بعدم تناول ظاهر خطاب الأصل لمن له ذلك العذر.
وقضيّة ذلك أن لا يجب عليه شيء بالقياس إلى المأمور به الواقعي ، وفراغ ذمّته من جميع الجهات لو أتى بالبدل على ما هو مأمور به بعنوان البدليّة.
فأمّا المقام الأوّل : فقد تقدّم منا في بحث المقدّمة وغيره الإشارة إلى ما يمكن الاكتفاء به في تحقيق هذا المقام من جواز اتّصاف الشيء ومقدّماته بالوجوب قبل دخول وقته عقلا ، فإنّه عند التحقيق من جزئيّات ذلك المقام ، لوضوح انتفاء التمكّن عن الفعل الموقّت قبل مجيء وقته ، فيكون الأمر به حينئذ أمرا بما يلحقه التمكّن عند دخول الوقت.
ومحصّل الدليل على ذلك هنا قضاء الوجدان المنطبق على طريقة أهل العقول والأذهان في جميع الملل والأديان بأنّ التمكّن الّذي يراه العقل شرطا في التكليف إنّما هو معتبر في نظره في الجملة ، على معنى حصوله حال الفعل ولو اتّفق تلك الحال في جزء من أجزاء الوقت المضروب له شرعا ، سواء سبقه العذر أو لحقه أو لا ، ولا نجد من العقل شائبة منع ، ولا في نظر الحكمة رائحة قبح في أمر الحكيم لمن يراه متمكّنا في بعض آنات وقوع المأمور به وإن كان هو حال صدور ذلك الأمر غير متمكّن عنه.