أجزائه وأتى ببدله المعبّر عنه بـ « المأمور به الاضطراري » و « الواقعي الثانوي » كما لو تعذّر عن الطهارة المائيّة فأتى بالصلاة مع الطهارة الترابيّة أو تعذّر عن الساتر فأتى بها عاريا ، أو عن القيام فأتى بها قاعدا وما أشبه ذلك ، فهل يوجب ذلك سقوط القضاء بالنسبة إلى المأمور بها الواقعي ، حتّى أنّه لو تمكّن عنه بعد ذلك بزوال العذر ليس عليه الإتيان به ولو كان الوقت باقيا ، كما ليس عليه الإتيان ثانيا بما أتى به من البدل أو لا بل عليه الإتيان بالمأمور به الواقعي أيضا امتثالا للأمر به؟ فيه قولان :
فعن ابن الجنيد وابن أبي عقيل إيجاب الإعادة على المتيمّم إذا صلّى ثمّ وجد الماء في الوقت على القول بجوازه أوّل الوقت ، كما عن ابن الجنيد أيضا ايجابها على العاري إذا صلّى كذلك ثمّ وجد الساتر في الوقت لا في خارجه ، محتجّا بفوات شرط الصلاة وهو الستر فيجب الإعادة.
وأورد عليه ـ كما قرّره ثاني الشهيدين ـ : بوقوع الصلاة مجزية بامتثال الأمر فلا يستعقب القضاء ، والستر شرط مع القدرة لا بدونها.
وتحقيق القول في ذلك : أنّ أجزاء الواجب وشروطه كنفس الواجب في جميع الامور المعتبرة في التكليف ، فكما أنّ القدرة على أصل الواجب من شروط تعلّق الوجوب به بحكم العقل ، فكذلك القدرة على كلّ واحد من أجزائه وشرائطه أيضا شرط لتعلّقه ، فهو بالنسبة إلى من لم يتمكّن عن بعض أجزائه أو شروطه مشروط ، على معنى اختصاص وجوبه بالمتمكّنين عنه بجميع أجزائه وشروطه.
وأمّا غيرهم فإن كان عدم التمكّن فيه مستغرقا لجميع الوقت فلا تكليف له بذلك الفعل جزما بحكم العقل ، وأمّا تكليفه ببدله ممّا خلى عن ذلك الجزء والشرط أو اشتمل على ما يقوم مقامهما فهو موقوف على دلالة الشرع ولا مدخل للعقل فيه نفيا واثباتا بعد ما نفاه عن الأصل ، فحيثما تثبت يثبت وإلاّ فلا.
وإن لم يكن مستغرقا لجميع الوقت كما لو كان المكلّف المتعذّر أوّل الوقت مثلا بحيث يزول عذره ويلحقه التمكّن عن معذوره في غيره من أجزاء الوقت بحسب الواقع فهذا هو محلّ الكلام هنا ، فحينئذ لا بدّ وأن ينظر أوّلا : في حكم العقل لمعرفة أنّه هل يجوّز في تلك الصورة شمول الخطاب حال العذر لمن له العذر معلّقا على الوقت المصادف لزوال عذره ، أو منجّزا مع وقوع حصول الفعل معلّقا على مجيء ذلك الوقت مع علم المكلّف بالحال أو