موافقة الأمر وصف يلحقه باعتباره الثاني ، فإنّ مفادها بالأخرة يرجع إلى الصفة الحاصلة في الموجود الثابت في ظرف الخارج.
والفرق بين الوصفين كالفرق بين وصفي العلّة والمعلول والتأثير والأثر ، لكون الاعتبار الثاني متأخّرا بحسب الرتبة عن الأوّل.
غير أنّ هذا التوجيه لا يتمشّى في الإجزاء بالمعنى المرادف للصحّة على اصطلاح الفقهاء ولا يدفع الاشكال بالنسبة إليه ، فلا بدّ في دفعه من منع ظهور كون الصحّة بهذا الاصطلاح وصفا للفعل على نحو الحقيقة ، ولا ينافيه إطلاق الصحيح عليه أيضا بهذا الاعتبار ، لأنّه إطلاق يرد على سبيل المجاز ويراد به الموجب للصحّة ، فإنّ أداء الفعل على ما هو مأمور به هو المسقط للقضاء مطلقا ، فيكون الإطلاق من باب وصف الشيء بما يكون مسبّبا منه بواسطة اللفظ الموضوع للذات المتّصفة بالصحّة بعلاقة السببيّة ، كما في إطلاق « القاتل » على سبب القتل.
ولو فسّرنا المعنى في اصطلاح الفقهاء بإسقاط القضاء كما في جملة من العبائر تعيّنت في كونها وصفا للفعل على نحو الحقيقة وتوجّه الاشكال فبطل بذلك دعوى الترادف بين وصفه بالإجزاء بالمعنى المتنازع فيه ووصفه بالصحّة على هذا الاصطلاح ، غير أنّ هذا التفسير بعيد عن كلماتهم ، ولا سيّما بملاحظة تفسيرهم للصحّة عند إرادة بيان ما هو القدر المشترك بين صحّة العبادات وصحّة المعاملات بترتّب الأثر كما في كلام الأكثر ، أو متابعة الغاية كما في المنهاج وشرحه ، ضرورة أنّ الأثر المترتّب على صحيح العبادة عند الفقهاء إنّما هو سقوط القضاء لا إسقاطه ، فإنّ الاسقاط وصف للفعل ووصف الشيء لا يكون أثرا مترتّبا عليه كما لا يخفى.
وثانيها : صورة المسألة على وجه ينطبق عليه كلّ من محلّ الوفاق ومحلّ الخلاف ما لو أتى المكلّف بالمأمور به على الوجه المعتبر فيه شرعا ، بأن يكون جامعا لجميع الأجزاء والشرائط وخاليا عن كلّ الموانع ، كما وقع التصريح به في مفاتيح السيّد ، وهو المستفاد عن غيره من أهل الاصول تصريحا وتلويحا كما لا يخفى على المتتبّع البصير ، فمحلّ الوفاق من ذلك أنّه يصير بذلك ممتثلا.
وقد عرفت عن الحاجبي فيما سبق دعوى الاتّفاق ، ووافقه على هذه الدعوى شارح المختصر في بيانه ، وحكى ذلك عن شارحه العضدي أيضا ، وعن شارح المنهاج أيضا ، بل