الحدّ لما لا قضاء له أصلا كصلاة العيدين مثلا ، حيث يراد بسقوط القضاء بالنسبة إليه ـ حسبما ذكروه في تحديد « الصحّة » عند الفقهاء بما سيأتي في بحث النهي ـ سقوطه على تقدير ثبوته فيه شرعا ، وهذا المعنى عند التحقيق يرجع إلى المعنى الأوّل لمكان الجزم بأنّ سقوط التعبّد ممّا لا محصّل له إلاّ بسقوط القضاء ، بناء على كون المراد بالقضاء هنا الإتيان بالمأمور به ثانيا في الوقت أو في خارجه كما ستعرفه.
نعم يشكل ذلك بكون الإجزاء على المعنى الأوّل على ما يظهر منهم وصفا للفعل ، فلذا حصل التعبير عنه بما يكون من المبادئ المتعدّية بخلاف سقوط القضاء.
ولكن الخطب في ذلك سهل بعد ملاحظة توسّع باب المسامحة والتوسّع في العبارة ، فلعلّ مراد من فسّره بذلك اسقاط القضاء فيتّحد المعنيان لكونهما تعبيرين عن هذا المعنى ، مع إمكان كون نظره في ذلك إلى تفسير الإجزاء بالمعنى المتنازع فيه على ما يستفاد من تتبّع كلماتهم في تلك الأمثلة من كون مرادهم بالإجزاء سقوط القضاء ، كما يفصح عن ذلك ما في جملة من عناوينهم من التعبير بأنّ الإتيان بالمأمور به على وجهه يقتضي الإجزاء كما في بعضها ، أو يوجبه كما في آخر ، أو يستلزمه كما في ثالث ، فلولا المراد هذا المعنى لكان المناسب التعبير بـ « أنّ الإتيان بالمأمور به مجز » ونحوه كما لا يخفى ، وكأنّه إلى ذلك ينظر ما في مختصر الحاجبي وبيانه لشارحه من التعبير عن العنوان بـ « أنّ الإجزاء الامتثال ، فالاتيان بالمأمور به على وجهه تحقّقه اتّفاقا ، وقيل : الإجزاء سقوط القضاء فيستلزمه ، وقال عبد الجبّار : لا يستلزمه ».
فتبيّن من ذلك أنّ الإجزاء قد يطلق عندهم على سقوط القضاء الّذي هو معنى الصحّة على اصطلاح الفقهاء ، بل على الامتثال أيضا الّذي هو معناها عند المتكلّمين كما يأتي بيانه في بحث النهي.
كما تبيّن بملاحظة ما في عبارة المختصر وغيره أنّ النزاع في تلك المسألة مخصوص بالإجزاء بمعنى سقوط القضاء ، وهو المصرّح به في كلام غير واحد من أصحابنا المتأخّرين مع دعوى الاتّفاق أو نفي الخلاف في الإجزاء بمعنى الامتثال ، كما يتبيّن أيضا بملاحظة جميع ما قرّرناه بعض الاشتباهات الحاصلة في المقام لبعض الأعلام ، حيث ذكر للإجزاء عند تحرير موضع النزاع معنيين
أحدهما : كون الفعل مسقطا للتعبّد به ثانيا.