القول بوجوب العزم بدلا عن الفعل في كلّ جزء يؤخّر ايقاعه فيه غير مرتبط بمذهب المنكرين لهما.
وستعرف أنّ للقول بوجوب العزم حيثيّتين يرتبط في أحدهما بمذهب أصحاب القول بالتوسعة وفي الاخرى بمذهب المنكرين لها.
وكيف كان فالبدليّة وصف يلاحظ بين شيئين فصاعدا إذا قام كلّ مقام الآخر ، ويستلزم في موارد التكليف التخيير الّذي يرجع بالأخرة إلى تجويز ترك أحد الشيئين على تقدير فعل الآخر والمنع عن تركه على تقدير ترك الآخر.
فبهذا الاعتبار يعبّر عن أحدهما بـ « البدل » من حيث قيامه مقام صاحبه في افادة الامتثال واسقاط الأمر. وعن الآخر بـ « المبدل » من حيث إنّه قام صاحبه مقامه.
وقد جرى ديدنهم في هذا التفريع بتسمية العزم بدلا والفعل مبدلا ، ولكن في تشخيص ذلك المبدل نوع اشتباه ، حيث ورد ذكره في كلامهم مجملا مع كونه محتملا لوجوه لا يستقيم فرض البدليّة حسبما زعمه أصحاب القول بها إلاّ مع بعضها ، فإنّ ما يفرض كونه مبدلا إمّا نفس الفعل الّذي تعلّق به الأمر القابل لإيقاعات جزئيّة على حسب أجزاء الوقت المضروب له أو أجزاء ما هو من لوازم وجوده ، أو إيقاعه في الجزء الأوّل ثمّ الجزء الثاني ثمّ الجزء الثالث وهكذا إلى أن يتضيّق الوقت على وجه يكون العزم في كلّ لاحق بدلا عن إيقاع الفعل في سابقه وله اعتباران :
أحدهما : أن يكون في عروض وصف المبدليّة له فردا من المأمور به الكلّي متميّزا بأجزاء الوقت ، بمعنى كون العزم بدلا عنه من حيث إنّه من أفراد الفعل الّذي تعلّق به الأمر المتمايزة بأجزاء الوقت من غير أن يعتبر بالقياس إليه أمر ولا حكم آخر غير ما ثبت له من عنوان الفرديّة.
وثانيهما : أن يكون في عروض ذلك الوصف له ممّا حصل له عنوان آخر مأمور به غير ما هو عنوان أصل الفعل الّذي أمر به ، وهو التعجيل والمسارعة إلى فعل المأمور به ، بمعنى وقوع العزم بدلا عن واجب آخر غير المأمور به منطبق على فرده المتميّز بأجزاء الوقت وهو الفور والبدار إلى فعل المأمور به.
والأوّل باطل وإن اسند إلى ظاهر السيّد إرادته ، للإجماع على أنّ مجرّد حصول العزم مكان الفعل لا يوجب سقوط الأمر بذلك الفعل ، ومن أحكام البدليّة الناشئة عن التخيير أن