الاقدام إلى آخر الوقت بقي الوجوب إليه ، فيكون الظرفيّة حينئذ وصفا مشتركا بينه وبين سائر الأجزاء ، فخرج عنوان اختصاص الوجوب بالآخر بلا مصداق أو متشاغلا بما يناقضه ، إذ المفروض وقوع إطلاقه في صورة كون الآخر كاشفا عن سبق الوجوب على سبيل التجوّز.
وأمّا الثالث : فينفيه أنّ اعتبار القيود الثلاث في صدق عنوان الاختصاص مشترك بين هذا القول وسابقه المحكيّ عن بعض الحنفيّة ، إذ لا نظنّ أنّه يدّعي تعلّق الوجوب مع عدم إدراك آخر الوقت أو إدراكه مع عدم بقاء صفات التكليف ، ولا أنّه يدّعي بقاءه على تقدير حصول الفعل قبل الآخر ، بل هو مصرّح بكونه على تقدير الحصول قبل آخر الوقت نفلا يسقط به الفرض.
وهذا هو محلّ الخلاف بينهما من حيث إنّ هذا القائل يجعله واجبا وهو مناف لقوله بالاختصاص على سبيل الإطلاق ، والتزام التقييد في بعض فقرات العبارة المحكيّة مع ورودها في الحكاية مطلقة ليس بأولى من التزام الخطأ في فهم دعوى الاختصاص عن أصل العبارة الصادرة عن هذا القائل ، ويرشد إليه خلوّ جملة من حكايات مذهبه عن دعوى الاختصاص كما عرفت.
وأمّا الرابع : فينفيه أنّه لو صحّ ذلك لقضى بكون الخلاف بين هذا القول وسابقه لفظيّا ، ضرورة أنّ اتّصاف ما حصل قبل آخر الوقت بالوجوب من الجهة المذكورة ممّا لا ينكره أصحاب القول السابق ، فإنّه نفل في الحقيقة ولا مانع من تسميته بالواجب لأجل قيامه مقام الواجب ، وهو كما ترى بعيد غاية البعد.
والّذي يختلج بالبال في حلّ الإشكال أن يقال : إنّ الوقت في الواجبات الموقّتة من شرائط الوجوب كما عرفت سابقا.
ومحصّل الخلاف في إمكان التوسعة وعدمه يرجع إلى أنّ كلّ جزء من الوقت المحدود هل هو شرط مستقلّ للوجوب بعنوان البدليّة أو لا؟ بل الشرط جزء معيّن منه وهو الأوّل كما عليه أصحاب القول الأوّل ، أو الآخر كما عليه الآخرون ، فهؤلاء متوافقون على أنّ شرط الوجوب هو الآخر غير أنّهم متخالفون في جعله من باب العلّة المحدثة أو من باب العلّة الكاشفة ، لا بمعنى أنّ الشرط على هذا التقدير هو نفس الآخر من حيث هو ليلزم تقدّم المشروط على شرطه ، بل بمعنى أنّ الشرط في الحقيقة هو كون المكلّف ممّن يلحقه آخر الوقت ، وهذا الشرط على تقدير بقائه إلى آخر الوقت مقارن لمشروطه في الحصول ،