ويوجّه تارة : بأنّ ما يختصّ بالآخر إنّما هو الوجوب بمعنى استحقاق العقوبة على التأخير ، فلا ينافيه اتّصاف ما وقع في غيره بالوجوب بمعنى آخر.
واخرى : بأنّ معنى اختصاص الوجوب بالآخر اختصاص كونه ظرفا للوجوب أو كاشفا عن سبق الوجوب ، فإنّ المكلّف إن بقي إليه وهو على صفة التكليف ولم يكن آتيا بالفعل قبله كان ظرفا للوجوب.
وإن كان آتيا به قبله كان كاشفا عن سبق الوجوب ، وإن لم يبق إليه على صفة التكليف لم يكن ظرفا ولا كاشفا.
وثالثة : بأنّه إنّما يقول باختصاص الوجوب به إذا بقي إليه وهو على صفات المكلّفين لم يكن أدّى الفعل في غيره لا مطلقا.
ورابعة : بأنّ كون ما وقع في غير الآخر واجبا تسمية من باب التجوّز لقيامه مقام الواجب من جهة كونه مسقطا له ، وإلاّ فالواجب في الحقيقة ما يقع في الآخر.
وأنت خبير بما في هذه التوجيهات من الوهن وكونها بالقياس إلى القول المذكور توجيها بما لم يرض به صاحبه.
أمّا الأوّل : فينفيه ما اعتمد عليه المنكرون للتوسعة من الدليل العامّ المقرّر بما تقدّم ، من أدّاء التوسعة في الوقت إلى جواز ترك الواجب الموجب لخروجه عن كونه واجبا ، وهذا كما ترى يقضي بأنّ الوجوب المتنازع في عمومه لتمام الوقت أو اختصاصه بجزء معيّن منه إنّما هو الوجوب بالمعنى المتضمّن لطلب الفعل مع المنع عن الترك المنافي لجواز الترك ، فيكون مراد من خصّه بآخر الوقت الوجوب بهذا المعنى ، وإن استلزم ذلك استحقاق الذمّ والعقوبة بالترك ، فحمله على مجرّد الاستحقاق إخراج له عن المتنازع فيه ، واذا حملناه على المعنى المتنازع فيه يلزم ما ذكر من التدافع.
وأمّا الثاني : فينفيه عدم جدواه في دفع الإشكال ، لأنّ الظرفيّة للوجوب على تقدير بقاء المكلّف إلى آخر الوقت على صفات التكليف مع عدم إقدامه على الفعل لا اختصاص لها بآخر الوقت ، كما هو قضيّة القول بكونه كاشفا عن سبق الوجوب على تقدير الإقدام ، فإنّ مبنى هذا الكلام على ثبوت الوجوب في تمام الوقت بشرط بقاء المكلّف إلى آخره على صفات التكليف ، غايته أنّه لو اتّفق له على هذا التقدير الإقدام على أداء الفعل فيما قبله انقطع الوجوب ولا يعقل معه بقاؤه إلى آخر الوقت ليكون ظرفا له ، ولو لم يتّفق له