انتفائهما معا أو انتفاء أحدهما نفلا.
ويمكن تطبيق العبارة على هذا المعنى بنحو من التصرّف بحمل صفات التكليف على شرائط التكليف الّتي منها آخر الوقت على القول باختصاص الوجوب به.
وكيف كان فهذا القول محكي عن الكرخي ، وقد اختلفت عباراتهم في حكاية مذهبه.
فمنهم من حكى عنه نظير ما في العبارة المتضمّن للحكم باختصاص الوجوب بالآخر ، مع الحكم بوجوب ما وقع منه قبله على تقدير بقائه إليه على صفات التكليف ، كما في شرح المنهاج ومحكي الأحكام.
ومنهم من حكى عنه ما لا تعرّض فيه لذكر اختصاص الوجوب بالآخر كما في محكي النهاية والمصرّح به في المنية قال : « ومنهم من قال : بأنّ الفعل المؤدّى في أوّل الوقت لا نعلم لكونه واجبا أو مندوبا بل يراعى فيه آخر الوقت ، فإن أدركه الفاعل وهو على صفات المكلّفين كان ما أتى به واجبا وإلاّ كان نفلا ، وهو منقول عن ابن عبّاس الكرخي ».
وقريب منه ما في بيان المختصر من قوله : « قال الكرخي : انّ الصلاة المأتيّ بها في أوّل الوقت موقوفة ، فإن أدرك المصلّي آخر الوقت وهو باق على صفة المكلّفين فما قدّمه واجب ، وإن لم يدرك آخر الوقت أو أدرك ولم يبق على صفة المكلّفين فما قدّمه نفل ».
ومنهم من حكى عنه كأبي الحسين البصري على ما في كلام بعض الأفاضل القول « بأنّه إن أدرك المصلّي آخر الوقت وهو على صفة التكليف كان ما فعله مسقطا للفرض ، وإلاّ كان فرضا » وهذا كما ترى على عكس سابقه.
ومنهم من حكى عنه كأبي بكر الرازي ـ على ما في كلام الفاضل المشار إليه ـ القول بأنّ الصلاة يتعيّن وجوبها بأحد شيئين ، إمّا بأن يفعل أو بأن يتضيّق وقتها.
وكأنّ الاختلاف في حكايات مذهبه نشأ عن الاختلاف في فهم عبارته في بيان مذهبه من جهة ما فيه من التشويش والاضطراب.
وهذا القول مع وضوح سخافته ربّما يشكل الحال في تصويره ، بل العبارة الاولى من حكاياته غير خالية في ظاهرها عن نوع تدافع ، فإنّ قضيّة اختصاص الوجوب بآخر الوقت عدم اتّصاف ما وقع في غيره بالوجوب ، كما أنّ قضيّة اتّصافه به عدم اختصاصه بالآخر ، وقد جمع في العبارة بين الحكمين المتدافعين.