وثالثها : أنّه مختصّ بالآخر ، وإذا فعل في الأوّل وقع مراعى ، فإن بقي المكلّف على صفات التكليف تبيّن أنّ ما أتى به كان واجبا ، وإن خرج عن صفات المكلّفين كان نفلا* (١). وهذان القولان لم يذهب إليهما أحد من طائفتنا ، وإنّما هما لبعض العامّة.
________________________________
وعزاه السيّد في المنية إلى جماعة منهم كما عن العلاّمة في النهاية ، ولم ينقل لهم حجّة إلاّ ما يذكره المصنّف فيما بعد ذلك من أنّه لو كان واجبا في أوّل الوقت لعصي بتأخيره ، لأنّه قد ترك الواجب حينئذ والتالي باطل بالإجماع والمقدّم مثله.
واجيب عنه بوجهين :
أحدهما : ما أشرنا إليه سابقا وتعرّض لذكره بعض الأعلام من منع الملازمة على تقدير ومنع بطلان التالي على آخر.
وثانيهما : ما تعرّض لذكره جماعة منهم المصنّف وأخصر العبارات في تأديته ما في بيان المختصر في شرح عبارة الحاجبي في الجواب من أنّ التأخير والتعجيل في الواجب الموسّع كخصال الكفّارة ، فكما أنّ تارك أحد الخصال لا يعصي إذا أتى بالباقي ، كذلك تارك الواجب الموسّع في أوّل الوقت لا يعصي إذا أتى به في آخر الوقت.
ومحصّل ذلك : أنّ العصيان بالتأخير إنّما يلزم لو قلنا باختصاص الوجوب بالأوّل وهو بمعزل عن التحقيق ، بل نقول باشتراكه بين الأوّل والوسط والآخر على نحو البدليّة والتخيير اللذين أثبتهما العقل بملاحظة توسعة الوقت.
وقضيّة ذلك قيام وقوعه في كلّ من الأوّل والوسط والآخر مقام وقوعه في الآخر فيكون مجزيا ، لا لأنّه نفس المأمور به كما توهّم ، بل لانطباقه على المأمور به الكلّي من جهة كونه أحد أفراده المتميّزة بأجزاء الوقت ، ومن لوازم الإجزاء بهذا العنوان أن لا يكون التأخير موجبا للعصيان ، كما أنّ أداء الكلّي المأمور به في غير الموسّع في ضمن أحد أفراده لا يوجب عصيانا بترك أدائه في ضمن فرده الآخر.
* ولا يخفى ما في العبارة من نوع قصور في التأدية من حيث إنّ الواقع في حكايات هذا المذهب مكان قوله : « فإن بقي المكلّف على صفات التكليف » « فإن بقي إلى آخر الوقت وهو على صفات التكليف » فهو يعتبر في وجوب ما وقع من الفعل أمرين كان مع