ورد عليه ما مرّ من امتناع وجوده في الخارج ، وإن أراد به المفهوم الحاصل في ضمن الأفراد كما نصّ عليه الحاجبي والعضدي اتّجه عليه إشكالان :
الأوّل : أنّه لا يتمّ على عدم وجود الطبائع في الخارج كما يراه الحاجبي حيث اختار عدم تعلّق الأمر بالطبيعة وخصّ تعلّقه بالأفراد ، واحتجّ عليه بامتناع وجود الكلّي في الخارج مع أنّه قد اختار في المقام أنّ الواجب مفهوم « الأحد » الحاصل في الأفراد فبين ما اختار في المقامين تدافع.
والثاني : في أنّ الطلب المتعلّق بمفهوم « الأحد » غير متعلّق به باعتبار كونه مفهوم « أحد » وإلاّ لامتثل بإتيان غير المذكور ، بل متعلّق به باعتبار كونه مقيّدا بأحد الامور المذكورة.
ولا ريب أنّ المفهوم المقيّد بكلّ واحد يبائن المفهوم المقيّد بالآخر كنفس القيد ، إذ قضيّة مبائنة القيود مبائنة التقييد المقتضية لمبائنة المقيّدات من حيث كونها مقيّدات ، فإن تعلّق الوجوب بواحد من تلك القيودات لا بعينه كان مبهما وورد عليه ما مرّ من أنّه ممتنع ، وإن تعلّق بمفهوم أحدها عاد الكلام إليه » انتهى.
لجواز أن يختار الشقّ الأوّل ويدفع المحذور بجعل « لا بعينه » وصفا للواجب بعد تعلّق الوجوب به باعتبار خصوصيّته المتعيّنة من جهة عدم اعتبار تعيين فيه من حيث عدم انحصار طريق الامتثال في أدائه ، لا قيدا فيما يحصل له وصف الوجوب ليكون له مدخل في الاتّصاف به.
وأن يختار الشقّ الثاني ـ وإن كان خلاف التحقيق بملاحظة ما قرّرناه في إبطال الأخير من الوجوه المتقدّمة ـ ويذبّ عن أوّل الإشكالين بإبداء الفرق بين المقامين بكون مفهوم « الأحد » هنا كلّيا منتزعا عن الأفراد باعتبار إلغاء ما فيها من الخصوصيّة مع عدم اعتبار التعيين في شيء منها ، فلم لا يجوز كونه في إرادتهم منتزعا عنها بعد تعلّق الوجوب بها بالخصوص على غير جهة التعيين ، فإطلاق كونه واجبا من جهة كونه منتزعا عن الواجب لا أنّه واجب بنفسه على وجه تعلّق الحكم به على سبيل الحقيقة ، مع أنّ الملازمة بين المقامين ممنوعة من وجه آخر ينشأ عن التأمّل في كون أحد الامور كلّيا وإن أطلق عليه المفهوم ، لأنّ الكلّي حسبما عرّفوه : « ما لا يمتنع فرض صدقه على كثيرين » فالمراد بفرض صدقه على كثيرين تجويز العقل لاتّحاده في الخارج مع امور متكثّرة أو صحّة حمله على امور متكثّرة كمفهوم « الإنسان » بالقياس إلى زيد وعمرو وبكر وغيره من أفراده الغير المتناهية.