الشافعي ، وفي التهذيب إلى بعض الأشاعرة ، وفي شرحه للسيّد إلى جماعة منهم ، وفي أكثر العبارات الحاكية لهذا المذهب التصريح بكونه قضاء فيما بعد أوّل الوقت.
فربّما يجمع في بعض (١) حواشي الكتاب بين هذا القول والإجماع على عدم العصيان بالتأخير بأنّهم وإن خصّصوا الوجوب بالأوّل لكنّهم قائلون أنّ الفعل ليس بمعيّن في الأوّل ، بل المكلّف مخيّر بين أدائه في الأوّل وقضائه في الثاني ، وهو بظاهره بخلاف ما هو المشهور في وجه الجمع.
وأشار إليه بعض المحقّقين من أنّ ذلك بثبوت العفو بفعله في الآخر ، بناء على ما نقل من « أنّ أوّل الوقت رضوان الله وآخره عفو الله » فإنّ ثبوت العفو بالتأخير لا يلائم التخيير بينه وبين عدمه ، نظرا إلى امتناع التخيير بين مباح ومحرّم ، واستلزام العفو التحريم.
وأيّا من التوجيهين كان فبه يدفع ما ذكروه في ردّ هذا القول ، وأشار إليه المصنّف فيما بعد ذلك من لزوم المعصية والعقاب بالتأخير لو اختصّ بأوّل الوقت وهو خلاف الإجماع ، كما أشرنا إليه أيضا فيما سبق.
وعلى أيّ حال كان فهذا القول يتضمّن دعويين اختصاص الوجوب بالأوّل وصيرورة الفعل قضاء في غيره.
والمعروف من حجّته ما قرّره المصنّف فيما بعد ذلك ، وقد يستفاد من بعض العبارات ـ كما في شرح المنهاج ـ الاحتجاج له بقوله عليهالسلام : « أوّل الوقت رضوان الله وآخره عفو الله » فإنّ الأوّل دليل على الاختصاص والثاني دليل على القضائيّة ، نظرا إلى أنّ العفو لا يكون إلاّ عند التقصير.
وأجاب عنه شارح المنهاج : بأنّ ذلك لبيان وقت الفضيلة ، والكلام إنّما هو في وقت الوجوب.
وتوضيح ذلك : أنّ الرضوان ـ على ما في كلام بعض أهل اللغة ـ أعلى مراتب الرضاء ، وفي الدعاء : « بلّغ بي رضوانك » أي أبلغني منتهى رضاك ، فيكون معنى الحديث حينئذ : أنّ الصلاة في أوّل الوقت توجب أعلى مراتب رضاء الله تعالى ، وهو يستلزم العفو عن معاصيه ، وفي آخره توجب العفو عن المعاصي وهو يستلزم الرضاء في الجملة ولو في
__________________
(١) ملاّ صالح على ما في العبارة المحكيّة عنه ( منه ).