نعم لو كان الإجماع قائما على عدم الفرق بين المسألتين في الحكم الواقعي والظاهري معا اتّجه الاستناد إليه في إثبات الملازمة ، ولكن ثبوت الإجماع بهذه المثابة محلّ منع ، لجواز كون رأي الإمام عليهالسلام بالنسبة إلى الحكم الظاهري هو الفرق بين المسألتين ، استنادا في كلّ منهما إلى الأصل الجاري فيها بالخصوص ، لذا صار الفاضل المشار إليه في ردّه إلى البناء على الأصلين معا.
ولكن قد عرفت أنّ ذلك أيضا مشكل من جهة أدائه إلى مخالفة العلم الإجمالي بالنسبة إلى الواقع.
إلاّ أن يقال في دفعه : بأنّ العلم الإجمالي إنّما يحرم مخالفته إذا كان حاصلا مع الشكّ في المكلّف به ، لكونه موجبا حينئذ لارتفاع موضوع الأصل من براءة أو استصحاب.
وأمّا إذا كان حاصلا مع الشكّ في التكليف كما هو الحال في محلّ البحث ـ لأنّ قول الإمام مردّد بين كونه وجوب الفعل أو عدم وجوبه ـ فلا يحرم مخالفته ، إذ لا يوجب حينئذ ارتفاع موضوع أصل البراءة واستصحاب عدم تعلّق الوجوب وهو الجهل بحكم الواقعة بخصوصها بحسب الواقع ، فيجري الأصل الّذي قرّره الشارع لموضوع مجهول الحكم فيجب الأخذ بموجبه ، كيف ولو بني على عدم الاعتداد به من جهة مخالفته للعلم الإجمالي لانسدّ باب التمسّك به في جميع موارده ، إذ العلم حاصل في كلّ واقعة من وقائع الشك في التكليف بأنّ الإمام إمّا على الوجوب أو على عدم الوجوب وهو كما ترى.
فتبيّن من ذلك أنّ ما بنى عليه ذلك الفاضل منطبق على القواعد ، ولكن نحن في غناء عن هذا الطريق ، لأنّا لا نعتمد على شيء من الأصلين من جهة اخرى.
أمّا على الأصل المقتضي لعدم السقوط في صورة سبق العلم بالواقعة فلورود أصالة الصحّة في فعل المسلم عليه كما عرفت ، وأمّا على الأصل المقتضي للسقوط في صورة تأخّر العلم بالواقعة فلورود استصحاب الأمر الكلّي الكفائي وأصالة عدم طروّ ما يرفعه عليه ، فلا أصل في الصورتين ليتّجه البناء عليه فيهما.
ثمّ أنّه هل يشترط في إحراز الصحّة المسقطة عدالة الفاعل أو لا؟ بل الفسق مانع عنها أو لا؟ بل العبرة بموافقة العمل لما قرّر في ظاهر الشريعة ولو بحكم الأصل أوجه ، صار بعض الأفاضل إلى الأخير منها وهو الحقّ ، خلافا للمحكيّ عن الفاضل الصالح تبعا للفاضل الجواد في مصيرهما إلى اشتراط العدالة.