القرآن ، وهو التوراة وكان كتابا مقدّسا لبني إسرائيل يقتدى به ويعمل على طبقه كما يقتدى بالإمام في أعماله ويعمل على طبق أقواله. ولذا سمّي إماما (وَرَحْمَةً) من الله على المؤمنين به قبل القرآن (وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ) أي هذا القرآن كتاب يصدّق التوراة في أنّه كتاب سماويّ ، وفي صحة ما يحتويه جميعا. (لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ) أي أن القرآن نزل بلسان عربيّ مبين حتى تعرفوا ما فيه وتتمّ الحجة على المشركين والملحدين من أهل مكّة ونواحيها ، وليخوّف الذين ظلموا أنفسهم وغيرهم من المؤمنين والمؤمنات ويبشّر الّذين أحسنوا بالحسنى. فالقرآن بشير ونذير للمحسنين وللظّالمين ، بأحسن اللّسان.
* * *
(إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣) أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤))
١٣ ـ (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ...) وهم الذين وحّدوا الله تعالى (ثُمَّ اسْتَقامُوا) بيان صفة الموحّدين أي استقاموا على طاعة الله والصّبر على أذى أعدائه. وسئل الرّضا عليهالسلام عن الاستقامة فقال : هي والله ما أنتم عليه. والشريفة تدل على تراخي مرتبة العمل عن التوحيد وذلك لمكان (ثُمَ) الذي يدلّ على التراخي لوضعه له (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) من لحوق مكروه أو مخوف آخر (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) من فوت شيء محبوب لهم. وهذا بيان صفة أخرى من أوصافهم.