قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تعليقة على معالم الاصول [ ج ٤ ]

تعليقة على معالم الاصول [ ج ٤ ]

375/864
*

ومحصل الفرق بينهما : أنّ ما بعد « إلى » على المعنى الأوّل محكوم عليه بما حكم به في الكلام على ما قبله ، بخلاف المعنى الثاني لكون ما بعدها حينئذ خارجا عن ذلك.

وممّا ذكر يتبيّن منشأ الخلاف المعروف عن النحاة في دخول الغاية في المغيّا أو خروجها عنه ، فإنّ مبنى القول الأوّل على دعوى ظهور المعنى الأوّل ومبنى القول الثاني على دعوى ظهور المعنى الثاني ، ومبنى التوقّف على تساوي الاحتمالين كما هو الأظهر ، فقولك : « سرت من البصرة إلى الكوفة » قد تريد به أنّه صدر منّي السير من البصرة وبلغ الكوفة ولم يتجاوزه ، وقد تريد به أنّه صدر منّي [ السير من البصرة ] والقطع عند الكوفة ، ومفاد الأوّل يرجع إلى : أنّ آخر سيري ما تحقّق في الكوفة ، ومفاد الثاني إلى : أنّ آخر سيري ما تحقّق قبل الكوفة ، ومرجع الخلاف المذكور إلى أنّ اللفظ بحسب الوضع اللغوي أو الانسياق العرفي ظاهر في أيّ المعنيين؟ وستعرف أنّه غير ظاهر في شيء منهما حيثما تجرّد عن القرينة الخارجة وإلاّ فالمتّبع ما اقتضته القرينة.

وقد يقال : إنّ الغاية بمعنى « النهاية » قد تطلق ويراد بها الجزء الأخير من المسافة ، وقد تطلق ويراد منها ما بعد المسافة كما يقال : « غاية الصوم الليل » و « غاية السجود رفع الرأس » وقد يطلق ويراد منها الأمر الانتزاعي الّذي ينتزعه الوهم واسطة بين المسافة وما بعدها بحيث لو قسناه إلى السجود في المثال الثاني كان متأخّرا عنه ولو قسناه إلى الرفع كان متقدّما عليه.

وأنت خبير بأنّ هذا الأخير ممّا لا شاهد عليه ، وكأنّه نشأ عمّا تكلّفه بعض الفضلاء في تشخيص موضع النزاع هنا وستعرف ضعفه.

وقد يجعل من معاني الغاية دخول « إلى » و « حتّى » كما في قولهم : هل يدخل الغاية في المغيّا أم لا؟

وقد يقال : بأنّه قد يتسامح ويسمّى نفس « إلى » و « حتّى » غاية ، كما في تعبير بعضهم هل تدخل ما بعد الغاية في المغيّا أم لا؟

الأمر الثاني

موضع الكلام في المقام إنّما هو الغاية بمعنى « النهاية » بمعناها الأوّل ، وهو بلوغ الحكم في موضوعه حدّا يكون آخر المسافة على حسبما اقتضته أداة الغاية ، كما يرشد إليه دليلهم المعروف من أنّ تقييد الحكم بالغاية لو لم يدلّ على مخالفة ما بعد الغاية لما