الاختباريّة كمسألة الذبح ونحوها ، فالتكليف تعلّق بنفس المقدّمة بحسب الواقع والحقيقة ، والمكلّف به هو المقدّمة لها ما هو في الظاهر متعلّق الأمر ، لأنه ليس بمراد للمولى. فإن ما هو المراد والمقصود ما هو بحسب الظاهر مقدّمة فهو المكلّف به واقعا ، فإن المدار في باب التكاليف على ما هو المراد لا ما تعلّق به الأمر الظاهريّ ولو لم يكن بمراد. وبعبارة أخرى فالأمر بالذبح في المقام مقدّمة للإتيان بمقدّماته لأنها مراد للمولى. فما هو المقدّمة في مرحلة الظاهر بحسب الفهم العرفي هو ذو المقدّمة في نفس الأمر ، ولذا يثاب عليه ويعاقب به. وما هو ذو المقدّمة ظاهرا فهو مقدّمة واقعا لأنه ليس بمراد للمولى. ويدل على ما ذكر ظاهر الشريفة (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) مع أن الرّؤيا كانت على ذبح الولد ، والذبح ما وقع ، فكيف صدّقها وما وقع ولا صدر منه إلّا المقدّمات التي تدل الآية السابقة عليها؟ فهو عليهالسلام لم يأت إلّا بها ، فالتّصديق راجع لما أتى به. فنستكشف من المجموع أنّ المأمور به هو ما أتى به ، في الواقع ، لا ما هو متعلّق الأمر الظاهري أي الذبح ، وما يطلق على إسماعيل من أنه ذبيح الله فهو اما باعتبار أن ما كان تحت قدرته قد أتى به على ما دلت عليه الآيات السابقة ، وما قصّر في شيء مما كان عليهالسلام الله عليه. وأما عدم وقوعه فلأن إرادة الله تعالى كانت على عدم الذبح فصارت مانعة ، وهذا لم يكن تحت قدرته وإرادته. فحضوره وتسليمه للذّبح بمنزلة الذّبح فالإطلاق تنزيلي ، أو باعتبار بدله وهو الكبش لأنه في حكم المبدل والله أعلم بأسرار كتابه (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي كما جزينا إبراهيم وابنه إسماعيل على حسن عملهما بأن بدّلنا حزنهما بالفرح ومحنتهما بالسّرور ، هكذا نعمل مع كلّ من أحسن عمله وأتى بعمل مرضيّ عندنا.
١٠٦ ـ (إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ...) أي ابتلاء إبراهيم واختباره هو