قومه يعبدون الأوثان والكواكب ، فلمّا خرج إليهم ورآهم يعبدون غير الله أفضى إليهم أنني رسول الله إليكم وأنا بريء من هذه الأشياء التي تعبدونها وأنها الآلهة بزعمكم ولا إله (إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) أي لا إله إلّا الذي خلقني ، فإنه هو الذي يهديني إلى الدّين الحق وطريقته المستقيمة وهو أهل لأن يعبد لا الأخشاب المنحوتة والأحجار المنقورة أو الكواكب المخلوقة العاجزة المسخّرة.
٢٨ ـ (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ... جعل الله ، أو إبراهيم ، الكلمة الّتي قالها (أي القول بأنه لا إله إلّا الّذي فطرني) وهي كلمة التّوحيد وأرادها أن تبقى (كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) أي في ذريّته ليكون فيهم دائما من يوحّد الله تعالى ويدعو إلى توحيده ، ويكون إماما وحجة على الخلائق (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أي يتوبون ويرجعون عمّا هم عليه من الشّرك إلى أبيهم إبراهيم بالاقتداء به في توحيد الله كما اقتدى الكفار بآبائهم في الشّرك ، أو يرجعون إلى عبادة الله تعالى. ثم إنه سبحانه بعد ذكر قصّة إبراهيم يذكر نعمه على قريش ويقول لم أعجّل ، بسبب كفرهم وإشراكهم ، في عقوبتهم وإهلاكهم كما كنت أفعل بالأمم السالفة الجحدة للرّسل بل أمهلتهم لإتمام الحجة عليهم :
٢٩ ـ (بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ) ... أي أمهلتهم متنعّمين في عصر النبيّ الأكرم وآباءهم بالمدّ في أعمارهم والإكثار في نعمهم ، فاغترّوا بذلك وانهمكوا في الشّهوات (حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ) أي القرآن المشتمل على الآيات الدالّة على الصّدق أو الدالّة على كلمة التوحيد أو على كليهما كما هو الظاهر. والمراد بالرّسول المبين هو نبيّنا محمد صلىاللهعليهوآله الذي هو ظاهر ومبان بمعجزاته ، أو مبيّن للآيات الدالّة على التوحيد والنبوّة.
٣٠ ـ (وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ قالُوا هذا سِحْرٌ) ... أي القرآن المميّز بين