ولذا عبّر عن الإنسان في هذه الكريمة بالكافر ، ولا بعد لأن الإنسان مع قطع النظر عن كفره الأصليّ إن ييأس من رحمة الله فهو كفر ويصير كافرا. ولعلّ التفسير بهذه الجهة يحمل على الكافر ، قال تعالى (لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) وإن كان الظاهر من هذه الشريفة أنّ اليأس كاشف عن كفره الأصلي لا أنّه موجب لكفره ، لكن المشهور أن اليأس والقنوط موجبان للكفر.
٥٠ ـ (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا) ... أي لئن رزقناه خيرا وعافية وغنى (مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي) أي هذه الرحمة حقّي وأنا أستحقّها بعملي. وقوله (لَيَقُولَنَ) جواب قسم مقدّر ، وقوله (لَئِنْ أَذَقْناهُ) فعله ولام (لَئِنْ) توطئة للقسم والتقدير : والله ، أو بذاتي ، أو بحقّي على عبادي وغيرها ممّا يناسب المقام لو رزقت الكافر نعمة من نعمائي بعد تفريج الضّراء عنه ليقولنّ ، (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) أي لست على يقين من قيام السّاعة والبعث ، ومعناه الإنكار (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي) أي على فرض صحة ما يزعمه المسلمون وكان بعث وحشر وأنا بعثت وحشرت ولقيت ربّي على قول المسلمين بأن لنا ربا (إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) أي لي عند الله الحالة الحسنة من الكرامة والنّعمة كما أكرمني وأنعم عليّ في الدّنيا ، فإنّ حسن حالي في الدنيا مقياس حالي في الأخرى ، وذلك لاعتقاد الكافر أن ما أصابه من نعم الدنيا فهو لاستحقاق لا ينفك عنه. ونقل الثعلبي عن إمامنا الحسن المجتبى سلام الله عليه أن للكافر تمنّيين عجيبين : واحد منهما في الدّنيا يقول إن نعم الجنّة في الآخرة لي لاستحقاقي إيّاها ، والآخر في العقبي حيث يقول يا ليتني كنت ترابا ، ولا يحصل له واحد منهما. والحاصل أن الله سبحانه يقول في جواب هذا القائل الذي يظنّ بنفسه ظنا حسنا بلا أي سبب : (فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا) فلنخبرنهم بما عملوا من قبائح الأعمال ومساوئ الأقوال التي