فدفعت إليها كتاب
معاوية. فقالت : يا بُني ألا أحدّثك بشيء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه [
وآله ] وسلّم؟
قلت : بلى.
قالت : فإنّي كنت وحفصة يوماً من ذاك
عند رسول الله.
فقال : لو كان عندنا رجل يحدّثنا.
فقلت : يا رسول الله ، ألا أبعث لك إلى
أبي بكر؟ فسكت.
ثمّ قال : لو كان عندنا رجل يحدّث.
فقالت : حفصة : ألا أرسل لك إلى عمر؟
فسكت.
ثمّ قال : لا. ثم دعا رجلاً فسارّه بشيء
، فما كان إلاّ أقبل عثمان ، فأقبل بوجهه وحديثه فسمعته يقول له : يا عثمان ، إنّ
الله عزّ وجلّ لعلّه أن يقمصك قميصاً ، فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه ، ثلاث مرار.
فقلت : يأ أُمّ المؤمنين ، فأين كنت عن
هذا الحديث؟!
فقالت : يا بني ، والله لقد أُنسيته
حتّى ما ظننت أنّي سمعته » .
قال النعمان بن بشير : « فأخبرته معاوية
بن أبي سفيان. فلم يرض بالذي أخيرته ، حتّى كتب إلى أُمّ المؤمنين أن اكتبي إليّ
به. فكتبت إليه به كتاباً » .
فانظر كيف أيّدت ـ في تلك الأيّام ـ
معاوية على مطالبته الكاذبة بدم عثمان! وكيف اعتذرت عن تحريضها الناس على قتل
عثمان؟ولا تغفل عن كتمها اسم الرجل الذي دعاه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
ـ بعد أن أبي عن الإرسال خلف أبي بكر وعمر ـ وهو ليس إلاّ أمير المؤمنين عليهالسلام ... ولكنّها لا تطيب نفساً بعليّ كما
قال ابن عبّاس ، وسيأتي.
فإذا كان هذا حالها وحال رواياتها في
الأيّام العادية ... فإنّ من الطبيعي أن تصل هذه الحالة فيها إلى أعلى درجاتها في
الأيام والساعات الأخيرة من حياة
__________________