الجواب : ان الله سبحانه كلم موسى وناداه بجانب الطور أكثر من مرة ، فمن الجائز أن تكون الآية الأولى اشارة إلى النداء الأول ، والآية الثانية الى النداء الثاني ، هذا الى ان التكرار طريقة متبعة في القرآن. انظر ما كتبناه بعنوان : «التكرار في القرآن ج ١ ص ٩٦ وج ٢ ص ٤٤٠.
(وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ). أرسل الله محمدا رحمة للعالمين ينذر ويبشر الناس ليسلكوا الطريق الذي يؤدي بهم الى سعادة الدارين.
وتسأل : كيف تجمع بين قوله تعالى : (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) ، وبين الآية ٢٤ من سورة فاطر : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ)؟.
الجواب : ذكرنا أكثر من مرة ان آيات القرآن يفسر بعضها بعضا لأن مصدره واحد ، وقد جاء في الآية ١٩ من سورة المائدة : (قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) أي بعد انقطاع الوحي فترة من الزمن ، وعليه فليس المراد بقوله : (ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) ان الله لم يرسل اليهم رسولا قبل محمد على الإطلاق ، بل المراد انه لم يرسل رسولا في فترة معينة من الزمن.
(وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ). المراد بالمصيبة عذاب الله في الدنيا ، والمعنى ان الله سبحانه أرسل الرسل لكيلا يكون للناس على الله الحجة إذا حل بهم العذاب بسبب كفرهم وطغيانهم. وتقدم مثله في الآية ١٦٥ من سورة النساء ج ٢ ص ٤٩٥ والآية ١٩ من سورة المائدة ج ٣ ص ٤٠.
(فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى). إذا لم يأتهم الرسول قالوا : لو جاء لاتبعناه ، وإذا جاء الرسول تعللوا بالأباطيل .. ولا يختص هذا التمحك والروغان بالذين كذبوا محمدا (ص) وقالوا له : لو جئت بعصا كعصا موسى ، ويد كيده البيضاء لآمنا بك. كلا ، انه دأب المترفين الطغاة في كل زمان ومكان ، دأب الذين لا يؤمنون إلا بمنافعهم ومصالحهم ، ومن أجلها يتلونون بكل لون ، ويتحالفون مع الشيطان ضد كل صلاح ومصلحة.
(أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ). طلبوا من رسول الله (ص) أن