أي بيننا. أيما كلمتان (اي) الشرطية و (ما) الزائدة ، ومحل أي نصب بقضيت. فلا عدوان جواب الشرط.
المعنى :
(وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ). علم فرعون وحاشيته بما كان من موسى مع القبطي الأول الذي قتله خطأ ، والثاني الذي قال له : (أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي) فتشاوروا في أمر موسى ، وصمموا على قتله ، ولما علم أحد المؤمنين بذلك أسرع إلى موسى ، وأخبره بما دبروا له ، وأشار عليه بالفرار من القوم الظالمين ، وقال كثير من المفسرين : ان هذا المؤمن هو الذي أشارت اليه الآية ٢٨ من سورة غافر : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ)؟.
(فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). قبل موسى النصح من المؤمن ، وخرج من مصر بلا زاد وماء وظهر ورفيق ، وهو خائف يترقب أن تلحق به جلاوزة فرعون ، وفوق هذا لا يدري أين يتجه؟ فالتجأ الى ربه ، وسلم اليه أمره ، وسأله الهداية والنجاة من فرعون وقومه (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ). سار موسى دون أن يقصد بلدا معينا ، وهو على يقين من ربه ، وانه سيرشده إلى الطريق القويم الذي يؤدي به إلى النجاح والفلاح ، وأخذ سبحانه بيده ، واتجه به إلى مدين بلد شعيب ، وبين مصر وبينها صحراء واسعة الأطراف ، ممتدة الأبعاد ، يقطعها المسافر مشيا في ثمانية ايام ، فاجتازها موسى برعاية الله وتوفيقه ، وكان يأكل من نبات الأرض .. وبالأمس القريب كان في قصر فرعون يتمتع بما لذ وطاب ، ولكن حشائش الأرض والخوف خير الف مرة عند المخلصين الأحرار من النعمى مع الظلمة الطغاة كما قال الإمام الحسين (ع) : والله لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما.
(وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ