المراد بالبينات هنا المعجزات الدالة على نبوة عيسى ، كشفاء الأكمه والأبرص ، والمراد بالحكمة العلم بدين الله وشريعته ، والمعنى ان عيسى الذي ثبتت نبوته بالدلائل الواضحة قال لبني إسرائيل : قد جئتكم من عند الله بأحكام الدين كلها عقيدة وشريعة ، وبها تعرفون المحق من المبطل ، فاتقوا الله ترشدوا.
وتسأل : لما ذا قال بعض الذين تختلفون فيه ولم يقل كل :
وأجاب جماعة من المفسرين بأن القصد من ذلك ان عيسى (ع) بوصفه نبيا يبين لهم أمور الدين فقط ، أما شئون الدنيا فلا تدخل في مهمته. وقد روى علماء السنة في صحاحهم عن النبي (ص) انه قال : «أنتم أعلم بأمور دنياكم ، وأنا أعلم بأمور دينكم».
(إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ). هذا إشارة الى التوحيد والنهي عن الشرك ، والمعنى ظاهر على حد تعبير الرازي (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ). المراد بالأحزاب اليهود والنصارى من جهة ، والنصارى فيما بينهم من جهة ثانية. قال اليهود : ان عيسى ابن زنا مخالفين في ذلك جميع النصارى والمسلمين ، أما النصارى فقد اختلفوا بعد المسيح وتفرقوا شيعا ، فمن قائل : ان عيسى عبد الله ورسوله ، وقائل : هو ابن الله ، وقائل : بل هو الله بالذات .. تعالى الله عما يصفون.
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)؟ هذا تهديد ووعيد لمن ألّه عيسى. وتقدم مثله في سورة يوسف الآية ١٠٧.
(الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (٦٧) يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨) الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ (٦٩) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (٧٠) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها