الإعراب :
هؤلاء إشارة إلى مشركي مكة. ولولا نزل «لولا» أداة طلب مثل هلا. ولولا أن يكون «لولا» هذه تدل على امتناع الثاني لوجود الأول ، والمصدر من أن يكون مبتدأ والخبر محذوف أي لولا كراهية كون الناس الخ حاصل أو لولا رغبة الناس في الكفر حاصلة ، ولبيوتهم سقفا أي على بيوتهم سقفا كما قيل. وان كل «ان نافية» ولما بالتشديد بمعنى إلا.
المعنى :
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ). كان قوم ابراهيم يعبدون الأصنام ، ومنهم أبوه كما يدل ظاهر الآية ، فنهاهم عن عبادتها ، وأعلن براءته منهم ومن آلهتهم ، وانه يعبد الله الذي خلقه على فطرة التوحيد ، وانه سيهديه ويرشده إلى ما فيه خيره وصلاحه ، وقوله : «سيهدين» يومئ إلى يقينه وثقته بالله .. وهكذا كل من طلب الهدى والحق بإخلاص يثق بأن الله معه وكافيه وهاديه لقوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ .. * إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ .. * إِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ). وتقدم مثله في الآية ٧٤ من سورة الأنعام ج ٣ ص ١١٢ والآية ٤٢ من سورة مريم و ٥٢ من سورة الأنبياء و ٧٠ من سورة الشعراء و ٨٥ من سورة الصافات.
(وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ). ضمير جعلها يعود إلى كلمة التوحيد التي دل عليها قوله : (إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ) والمراد بجعلها وصى بها لقوله تعالى في الآية ١٣١ من سورة البقرة : (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ) (اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) .. (لعلهم يرجعون). هذا تعليل لوصية ابراهيم ، والمعنى انما وصى ابراهيم بنيه بكلمة التوحيد ليعملوا بها ، وإذا أشرك واحد منهم أو حاول يذكّر بوصية أبيه ، ويقال له : انك خالفت ما وصى به ابراهيم. وقد حدث ذلك بالفعل : (قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ـ ٩٥ آل عمران .. (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) ـ ٧٨ الحج.