(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ). المراد بالسماء الشيء العالي كوكبا كان أو فضاء ، والمراد بالدابة هنا كل ما فيه حياة طيرا كان أو ملكا أو أي حي من الأحياء التي تعيش في البر أو البحر أو الفضاء أو في كوكب من الكواكب .. وكلها تنطق بوجود باريها ومصورها (وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) تماما كما قدر على خلقهم وبثهم في السموات والأرض.
(وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ). هذه الآية تدل بصراحة لا تقبل التأويل على ان الظلم والفقر من صنع الناس لا من صنع الله ، ومن فساد الأنظمة والأوضاع لا من حكم الله وشريعته حتى القحط وحبس الغيث سببه البغي والفساد كما في الحديث .. وفي كتاب الله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) ـ ٦٦ المائدة ج ٣ ص ٩٤ فقرة «الرزق وفساد الأوضاع» (ويعفو عن كثير) من الذنوب ما عدا الشرك والظلم لأنه هو القائل : «لا يغفر ان يشرك به» والقائل : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) ـ ٥٢ غافر.
(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ). هذا تهديد ووعيد. وتقدم مثله بالحرف في الآية ٢٢ من سورة العنكبوت (وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) جمع علم وهو الجبل ، وإذا كانت السفينة من صنع الإنسان فإن الماء الذي تجري عليه ، والهواء الذي يدفعها هما من صنع الله تعالى ، وكذا أخشابها وسائر أجزائها ، ومثلها الطائرة التي تطير في فضاء الله ، والسيارة التي تسير على أرض الله وغيرها وغيرها من الأدوات حتى الإنسان الذي صنعها واخترعها ، ذلك وغيره مظهر لقدرته تعالى وفيض من رحمته.
(إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ). إذا أمسك الهواء أو جمد الماء وقفت السفينة عن الجري (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ). من صبر على التفكير والنظر الى الكون ، وما فيه من عجائب وأسرار ـ لا بد أن ينتهي الى الايمان بالله وعظمته ، ويشكره على فضله وهدايته.
(أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ). أو يهلك أصحاب السفن بذنوبهم ، ولكنه يعفو عن كثير أي لا يعاجلهم بالكثير من ذنوبهم (وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا