المعنى :
(قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ). طلب الجاحدون من الرسول الأعظم (ص) ان يحدد لهم أمد البعث ، فقال له العلي الأعلى : قل لهم : لا أحد من الانس والجن والملائكة يعلم الغيب وأمد البعث الا الله ، وانهم يحشرون من حيث لا يشعرون (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ). ادارك تتابع ، والمعنى ان الأنبياء أخبروا المشركين بالآخرة ، فلم يصدقوا ، ولما بعثوا ورأوا الآخرة رأي العين علموا ان إخبار الأنبياء كان حقا وصدقا ، فالتتابع المقصود هنا ان علم المشركين بالآخرة حصل بعد إخبار الأنبياء بها وبعد رؤيتها (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها) أي كيف يسألون عن وقت الآخرة ، وهم غير مؤمنين بها؟ (بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) بل عميت قلوبهم عن الآخرة لضلالهم وعنادهم حتى استحال أن يروها.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ). تقدم مثله في الآية ٥ من سورة الرعد والآية ٣٦ و ٨٤ من سورة المؤمنون.
(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ). هذا تهديد لمن كذب بنبوة محمد (ص) أن يصيبهم من الهلاك ما أصاب غيرهم من الأمم السابقة الذين كذبوا أنبياءهم. وتقدم نظيره في الآية ١٣٧ من سورة آل عمران ج ٢ ص ١٥٩.
(وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ). تقدم بنصه في الآية ١٢٧ من سورة النحل ج ٤ ص ٥٦٥.
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). حذّر الرسول الأعظم (ص) قريشا من عاقبة تكذيبهم وتمردهم ، فقالوا له ساخرين : ومتى يكون ذلك؟ وكل نبي كان يسمع هذا الجواب الساخر من قومه إذا أنذرهم وحذرهم (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) ربما كان العذاب وراءكم ، وأنتم لا تشعرون ، وفي هذا المعنى الآية ٥١ من سورة الإسراء : (وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً).