أخبروني أيها المشركون : ما الذي دعاكم ان تجعلوا لله أندادا وأضدادا؟ فهل من شيء في الأرض يدل صنعه على تعدد الصانع والأنداد؟ .. كلا ، فإن جميع الكائنات ينطق وجودها بوحدانية الله ، ويشهد إحكامها بعظمته وحكمته.
٢ ـ (أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ). المراد بالشرك هنا النصيب ، والمعنى أم لمعبود المشركين أثر في السماء يدل على انهم شركاء لله في خلقه؟
٣ ـ (أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ). ضمير «هم» يعود الى المشركين لا الى الشركاء ، وضمير «منه» يعود الى الكتاب ، والمعنى أم جعلتم شركاء لله في العبادة وغيرها اعتمادا على كتاب منزل أو نبي مرسل؟ وبالإجمال لا عذر للمشركين من العقل أو النقل فيما يشركون ، بل هم في سكرتهم يعمهون.
(بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً). المراد بالغرور هنا الباطل ، وقد كان رؤساء الشرك والضلال يقولون للضعفاء والأتباع : ان الأصنام يشفعون لكم غدا .. وليس من شك ان هذا الوعد والقول كذب وافتراء ، وإغراء بالباطل (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً). أمسك سبحانه الكواكب بنظام الجاذبية ، تماما كما أمسك الطير في السماء بجناحيه ، وأسند تعالى الإمساك اليه لأنه خالق الكون ومسبب الأسباب. وتقدم مثله في الآية ٦٥ من سورة الحج ج ٥ ص ٣٤٦.
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ). ضمير أقسموا يعود إلى مشركي قريش ، واحدى الأمم أي أية أمة من الأمم ، وفي البحر المحيط يقال : إحدى الأمم ، تفضيلا لها على غيرها أي لا نظير لها .. وقد كانت قريش تنكر على اليهود انحرافهم عن دينهم وقتلهم أنبياءهم ، وتحلف الأيمان المغلظة لئن جاءها رسول من الله لتكونن أطوع اليه من بنانه (فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ). وأخيرا جاءهم رسول من عند الله بالهدى والبينات .. ولكنهم كذبوه ونفروا منه وتعالوا عليه وعلى دعوته ، ومكروا به وبأتباعه ، وصدوا الناس عن الايمان بنبوته .. ولكن في النهاية نصره الله عليهم واستسلموا لأمره أذلاء صاغرين.
(وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ). المكر السيء أن تضمر الشر لأخيك ،