وأن لا يقصدوه من أجل الطعام إلا بعد الدعوة على أن يأتوه بعد إعداد الطعام ، ولا يتخلفوا بعد الانتهاء منه .. ولا يختص ذلك ببيت النبي وحده ، وإنما ذكره سبحانه لأنه السبب الموجب لنزول الآية ، وقلنا أكثر من مرة : ان سبب النزول لا يخصص عموم الآية.
(إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ). المراد بالحق الذي استحيا منه النبي (ص) حقه الشخصي ، وهو إخراج الثقلاء والمتطفلين من بيته ، سكت النبي عنه حياء منهم ، فنبه سبحانه الى ان بقاءهم بعد العام يؤذي النبي ، وكذلك دخولهم على بيته من غير اذن ، وفي الحديث : الحياء شعبة من الإيمان ، ومن لا حياء له لا إيمان له. وفي حديث آخر : لم يبق من أمثال الأنبياء إلا قول الناس : إذا لم تستح فاصنع ما شئت. وقد جاء في وصف النبي : انه كان أشد حياء من العذراء في خدرها ، وفي نهج البلاغة : لا إيمان كالحياء والصبر ، وكان العرب يمدحون العظيم بالحياء ، قال الفرزدق في مدح الإمام زين العابدين (ع) :
يغضي حياء ويغضى من مهابته |
|
فلا يكلم إلا حين يبتسم |
ومن الطريف ما جاء في محاضرات الأدباء للأصفهاني : ان طفيليا عوتب على تطفله ، فقال : لقد تطفل بنو إسرائيل على الله ، ألا نتطفل نحن على الناس؟.
(وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَ). ضمير «هن» يعود لأزواج النبي (ص) ، أما ذكر المتاع فهو من باب المثال ، لا من باب التخصيص به ونفي الحكم عن غيره ، ويدل على ذلك قوله تعالى : (ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَ) حيث يشعر بأن الاختلاط وإزالة الحجاب بين النساء والرجال يؤدي الى الفساد والفتنة ، ومعنى هذا ان الاختلاط محرم ، أو ان الأولى تركه ـ على الأقل ـ وبهذا يتبين معنا ان الاختلاط سبب لاثارة الغريزة الجنسية ، وليس سببا لتهذيبها وكبح جماحها كما يدعي من يقول : قال الله وأقول! ... «ومن أصدق من الله حديثا».
(وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً