ترون شدائده وأهواله؟ (وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أنكم في عمى وضلال مبين.
(فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ). المراد بالاستعتاب هنا الاقالة أي ان المجرمين يستقيلون ربهم فلا يقيلهم ، ومنه قوله تعالى : (وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) ـ ٢٤ فصلت وعليه يكون المعنى لا عذر ولا إقالة لمجرم في ذلك اليوم بعد أن حذّر وأنذر فأبى إلا كفورا.
(وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ). تقدم في الآية ٥٤ من سورة الكهف ج ٥ ص ١٣٩.
(وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ). يقولون عن الأنبياء والمصلحين وعن الأحرار والمجاهدين : انهم مبطلون .. وعن الخونة المنافقين والعملاء المأجورين : انهم محقون .. ولا بدع فان الطغاة المجرمين يقيسون الحق والباطل بمنافعهم وأهوائهم ، فما وافقها فهو حق وان كان شرا وفسادا ، وما خالفها فهو باطل وان كان خيرا وصلاحا.
(كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ). طبع الله على قلوبهم لأنهم سلكوا باختيارهم السبيل المؤدية إلى ذلك حتما .. فالعمى عن الحق نتيجة الجهل ، والبغي والطغيان نتيجة الانحراف عن طريق الهداية ، أما نسبة ذلك اليه تعالى فمعناها ان هذه النتيجة تلزم مقدماتها وأسبابها ولا تنفك عنها بحال (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ). اصبر يا محمد وامض في دعوتك ، وتحمل الأذى في سبيلها ، فما هي الا أيام حتى تنتشر رسالتك في شرق الأرض وغربها ، ويقترن اسمك باسم الله تعالى وبالصلوات والتحيات .. والحمد لله الذي منّ علينا بمحمد صلى الله عليه واله نبي الرحمة وقائد الانسانية الى الخير ، فارزقنا شفاعته يا مبدل السيئات بأضعافها من الحسنات.