الأملاك .. اهدموا البيوت .. اشنقوا .. احرقوا .. وهنا تتدخل العناية الإلهية ، إما بنجاة المظلوم من أيدي الظالمين ، وإما بأخذهم أخذ عزيز مقتدر بيده أو بيد الأحرار من عبيده ، وتقدم مثله في الآية ٦٨ من سورة الأنبياء (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) أي ينتفعون بالنذر ، ويتعظون بالعبر ، ويبحثون عن الحق لوجه الحق ليؤمنوا به ويعملوا مخلصين.
(وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا). قال ابراهيم لقومه : عبدتم هذه الأوثان ، وأنتم على يقين بأنها لا تنفع ولا تضر ، ولكن عظمتموها تقليدا لمن تودونهم وتحبونهم في هذه الحياة ، وستنقلب هذه المودة الى عداوة وبغضاء (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً). قال الإمام علي (ع) : يتبرأ التابع من المتبوع ، والقائد من المقود ، فيتزايلون بالبغضاء ـ أي يتفارقون ـ ويتلاعنون عند اللقاء (وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ). هذه نهاية من كفر بالحق تابعا كان أو متبوعا.
(فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). لوط هو ابن أخي ابراهيم ، وقال جماعة من المفسرين : لم يهتد أحد من قوم ابراهيم ويؤمن إلا لوط ، وليس هذا ببعيد ، لأن هذه الآية تومئ إلى ذلك بالإضافة الى ما جاء في كثير من الكتب ان ابراهيم هاجر هو وزوجته وابن أخيه لوط فقط. وفي الاصحاح التاسع عشر ان ابنتي لوط سقتا أباهما خمرا ، فاضطجع معهما ، وحملتا منه ، فولدت الكبرى ذكرا أسمته موآب ، وأيضا حملت الصغرى ذكرا أسمته بن عمي.
(وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ). ضمير له يعود الى ابراهيم (ع) ، وفي هذه الآية دلالة واضحة على ان الله سبحانه لم يبعث نبيا بعده إلا من صلبه ، وإذا عطفنا على هذه الآية حديث «هذا الأمر في قريش .. الناس تبع لقريش .. الأئمة من قريش ..» إذا فعلنا ذلك كانت النتيجة ان جميع الأنبياء والأئمة من سلالة ابراهيم (ع) لأن نسب قريش ينتهي اليه. وتقدم مثله في الآية ٤٩ من سورة مريم و ٧٢ من سورة الأنبياء.