حجّية خبر العدل لذلك العامّ كان أخصّ منه ، رافعا لموضوعه بالنسبة إلى نوع من أنواعه ، مزاحما لصغرى القياس المأخوذة بالنسبة إلى ذلك النوع لإثبات حكم العامّ له فيكون واردا عليه ، سواء اعتبرنا أصالة الحقيقة في العامّ من باب التعبّد أو الظنّ النوعي أو الظنّ الشخصي ، لكونها مقيّدة على الأوّل بعدم العلم بالخلاف.
وعلى الثاني بعدم العلم أو عدم الظنّ الشخصي بالخلاف.
وعلى الثالث بالعلم أو الظنّ الفعلي بالوفاق.
وما فرض من العامّ الثاني المخالف لكونه قطعي السند رافع للقيد بجميع أقسامه ، ومزاحم للصغرى بجميع صورها ، إذ معه لا يقال : « انّ خبر الواحد ما لم يعلم بخروجه عن عموم ما دلّ على المنع » ولا أنّه : « ما لم يعلم أو يظنّ بخروجه » ولا « أنّه ما علم أو ظنّ بدخوله » وإذا كان الحال فيه كذلك فكيف يتوهّم العامّ الأوّل معارضا له.
وكيف يصحّ القول بكون النسبة بينهما عموم من وجه مع أنّه ليس الحال فيهما إلاّ كما لو قال : « يصحّ بيع الحيوان » ثمّ قال : « لا يجوز بيع الإنسان » حيث لا يقال فيهما أنّهما عامّان متعارضان وبينهما عموم من وجه ، لكون الثاني عامّا للمملوك وغيره والأوّل عامّا للإنسان وغيره ، فيجتمعان في الإنسان المملوك ، إذ لا يعقل في مثل ذلك مادّة افتراق من أحد الجانبين لينفرد عنه مادّة الاجتماع ، نظرا إلى أنّ الثاني ليس له فرد يكون خارجا عن الأوّل كما أنّه له فرد خارج عنه.
وقضيّة ذلك كونه بالقياس إليه خاصّا وإن كان عامّا بالقياس إلى ما تحته ، وظاهر أنّ الخاصّ مقدّم في جميع أحواله بجميع أفراده.
هذا كلّه إذا فرضنا عموم ما دلّ على اعتبار خبر العدل بالقياس إلى ما يجري في الأحكام وما يجري في موضوعاتها الّتي فيها محلّ الكلام ، وأمّا لو فرضناه بالقياس إلى ما لا يفيد منه العلم وما يفيده ولو بمعونة القرائن الداخلة أو الخارجة اتّجه القول بكون النسبة بينه وبين ما دلّ على المنع عموما من وجه ، لكن يقع المناقشة في دعوى عدم الترجيح أو كون المرجّح في جانب عموم المنع ، لما قرّر في محلّه من أنّ العامّين من وجه إذا كانا من باب الظاهر والأظهر يبنى على ما كان منهما أظهر ، تقديما لمرجّح الدلالة على سائر المرجّحات ، داخليّة كانت أو خارجيّة كالأصل والشهرة على ما [ في ] كلام القائل.
ولا ريب أنّ ما يقضي بالجواز من العامّين أظهر دلالة ممّا يقضي منهما بالمنع من