كون صدوره في محلّ الحاجة إلى بيانه لو كان المعتبر عند المتكلّم هو المقيّد ، لأنّ الإغراء القبيح إنّما يلزم على هذا التقدير بخلاف ما لو كان في غير محلّ الحاجة إلى بيانه ، كما لو كان السامع واجدا للشرط الّذي هو القيد إذ لا يلزم من عدم ذكر القيد مع اعتبار المقيّد على هذا التقدير إغراء بالجهل حتّى ينفي احتماله بقبحه ، فلا يجري حكم العقل المثبت للعموم حينئذ.
ومن هنا ترى أنّ المحقّق البهبهاني منع من التمسّك بإطلاق الآية في صلاة الجمعة لإثبات كون وجوبها مطلقا غير مشروط بحضور السلطان العادل أو نائبه الحادث على القول باختصاص الخطابات الشفاهيّة بالمشافهين بسند أنّ الخطاب ليس معنا حتّى يلزم الإغراء القبيح في حقّنا ، وأمّا في حقّ المشافهين فمن الجائز كونه مشروطا بما ذكر وإنّما لم يصرّح بذكره في الخطاب لعدم حاجة المخاطبين الى التصريح بذكره لمكان وجدانهم الشرط ، فلا يلزم الإغراء بالجهل حتّى ينفي احتمال التقييد والإشتراط بقبحه.
ثمّ إنّ العموم الإطلاقي المبنيّ على حكم العقل المنوط بقبح السكوت عن البيان في مقام الحاجة إليه كما يجري بالنسبة إلى أفراد الماهيّة كذلك يجري بالنسبة إلى توابع الماهيّة ولوازمها ، وقد يعبّر عنه بـ « حجّيّة الإطلاق بالنسبة إلى اللوازم » كما أنّه حجّة بالنسبة إلى الأفراد ، وذلك كإطلاق ما دلّ على صحّة الصلاة في ثوب فيه عذرة السنّور أو الكلب ممّن لم يعلم به الدالّ على كون خلوّ لباس المصلّي من الشروط العلميّة المتناول لما هو من لوازم نجاسة هذه العذرة وهو كونه جزءا لما لا يؤكل لحمه ـ بناء على تعميم الأجزاء للفضلات ـ فيدلّ على عدم قدحها في صحّة الصلاة من هذه الجهة ؛ لئلاّ يلزم الإغراء بالجهل بسبب السكوت في معرض البيان لو كانت مبطلة للصلاة من الجهة الثانية اللازمة للجهة الاولى ، ومن هذا القبيل طهارة البلل الباقية في المحلّ المغسول وطهارة يد الغاسل لإطلاق ما دلّ على طهارة المحلّ بالغسل فإنّه لولا طهارتهما تبعا للمحلّ لزم الإغراء من السكوت عن البيان في مقام الحاجة إليه ، وقد يعبّر عن ذلك بـ « قاعدة التبعيّة ».
ومنها : طهارة آلات إذهاب ثلثي العصير لإطلاق ما دلّ على طهارة العصير بذهاب ثلثيه وطهارة آلات النزح من الدلو والحبل ويد النازح وجوانب البئر على القول بنجاسته ، لإطلاق ما دلّ على طهارته بنزح المقدّر ، إلى غير ذلك من موارد الطهارة بالتبعيّة فإنّها في الجميع تثبت بإطلاقات النصوص الواردة فيها.