أمّا الأوّل : فلأنّه باعتبار الهيئة اسم فاعل ، واسم الفاعل ما وضع لمن قام به المبدأ بمعناه الجنسي.
وأمّا الثاني : فلأنّ مادّته « السؤر » وهو إمّا بقيّة الماء بعد شربه ، أو ما يعمّه وبقيّة الطعام بعد أكله ، أو بقيّة كلّ شيء وإن كان من ذوي العقول كما يساعد عليه الاستعمالات : كـ « سائر القوم » و « سائر الناس » و « سائر العلماء » وقد نصّ على كلا الأمرين صاحب النهاية قائلا ـ في المحكي عنه ـ : « سائر » مهموز ومعناه « الباقي » لأنّه اسم فاعل من السؤر وهو ما يبقى بعد الشراب وهذا ممّا يغلط فيه الناس فيضعونه موضع « الجميع » وفي معناه ما عن الأزهري مدّعيا عليه اتّفاق أهل اللغة بقوله في المحكي عنه : اتّفق أهل اللغة أنّ « سائر الشيء » باقية قليلا كان أو كثيرا فالسائر هيئة ومادّة إذا كان بمعنى « الباقي » فكيف يجعل بمعنى « الجميع » ولذا غلّطه في النهاية.
وتوهّم أنّ اشتقاقه بهذا المعنى ليس من « السؤر » المهموز بل من « السور » الأجوف ـ وهو سور البلد بمعنى الحائط المحيط عليه فيكون « السائر » المشتقّ من ذلك بمعنى « الجميع » المفيد للإحاطة والشمول لما في مبدأ اشتقاقه من معنى الاحاطة ـ يدفعه : أنّ اسم العين لا يصلح لأنّ يشتقّ منه شيء.
كما أنّ توهّم أنّ « السائر » في هذا المعنى ليس من قبيل المشتقّ بل هو لفظ بوزان الفاعل وضع لغة بهذه الهيئة في ضمن هذه المادّة المخصوصة لمعنى الجميع ، يدفعه : المنع بعدم شاهد عليه في الاستعمال.
وأمّا على إطلاقه على معنى « الباقي » فهو الّذي يجب الإذعان به أخذا باشتقاقه من « السؤر » بمعنى البقيّة ، وهو الّذي يساعد عليه الاستعمالات ويقتضيه التبادر العرفي في المحاورات.
وقد سمعت عن الأزهري دعوى اتّفاق أهل اللغة عليه إلاّ أنّ الكلام في كونه باعتبار هذا المعنى للعموم.
وقد عرفت أنّ بعض الأعلام استند في ذلك إلى ظهوره في تمام الباقي ، ويشكل بأنّه إن أراد به الظهور الوضعي ، فيدفعه : أنّ مبدأ الاشتقاق إنّما يؤخذ في المشتقّ باعتبار معناه الجنسي والجنس لا ينفكّ عن شيء من مصاديقه فظهوره في تمام الباقي بهذا الاعتبار لا بالوضع ، وإن أراد به الظهور الانصرافي باعتبار أنّ تمام الباقي أكمل مصاديق جنس الباقي ، ففيه : مع