وقيل بكونه للعموم ونسب إلى جمهور الاصوليّين كما عن ثاني الشهيدين بل عن الفخريّ أنّه عدّه ممّا يعلم بعد استقراء اللغات بالضرورة.
واختاره بعض الأعاظم تعويلا على ما سمعت من النسبة إلى جمهور الاصوليّين ودعوى الضرورة فيه ، مضافا إلى اطّراد الاستثناء ، واستثناء أكثر من واحد ، فلو كان عمومه بدليّا لما صحّ ذلك.
وفيه نظر ستعرف وجهه.
ومرجع النزاع بالنسبة إلى « أيّ » في الشرط إلى أنّ قول القائل : « أيّهم يأتيني أو أيّكم يأتيني ، أو أيّ رجل يأتيني فله درهم » هل هو بمعنى : « كلّ واحد منهم ، أو كلّ واحد منكم ، أو كلّ رجل يأتيني فله درهم » فيكون عمومه شموليّا أو بمعنى : « واحد منهم ، أو واحد منكم ، أو رجل واحد يأتيني فله درهم » فيكون عمومه بدليّا.
والراجح في النظر القاصر هو القول الأوّل وهو أنّ « أيّ » في الشرط والاستفهام لا عموم له إلاّ البدلي ، وذلك لأنّه موضوع لغة لما يعبّر عنه في الفارسيّة به : « كدام » وهو عبارة عن واحد لا بعينه من الآحاد المتعدّدة ، فإذا ورد « أيّ » بهذا المعنى في الكلام للاستفهام كما لو قال : « أيّهم أو أيّكم أو أيّ رجل فعل هذا »؟ مثلا كان مفاده السؤال عن تعيين واحد من الآحاد صدر عنه الفعل ، وإذا ورد للشرط كان مفاده التنبيه على عدم اعتبار التعيين في واحد من الآحاد يصدر منه الفعل الّذي علّق عليه الجزاء ، وحاصله التنبيه على أنّ المقصود صدور الفعل من واحد لا بعينه من الآحاد أيّ واحد كان لا من واحد معيّن.
وقضيّة ذلك أن يكون العموم في كلّ من الشرط والاستفهام بدليّا لا استغراقيّا ، ومرجع العموم البدلي في الشرط إلى أنّ « أيّ » لا يفيد التكرار ، ولا ينافيه السببيّة اللازمة للشرطيّة لأنّ السبب حينئذ فعل واحد لا بعينه من الآحاد لا فعل كلّ واحد.
فإن قلت : قد سبق في تعريف العامّ أنّ المفهوم الذهني الّذي يعبّر عنه في الفارسيّة به : « هر » أو « همه » في معنى العامّ عموم شموليّ والمفروض صحّة دخول هذا المفهوم المعبّر عنه به : « هر » في معنى « أيّ » في الشرط وهو آية كون عمومه شموليّا.
قلت : هذا المفهوم المعبّر عنه به : « هر » إنّما يكون شموليّا إذا اضيف إلى الجزئيّات وهو هنا يضاف إلى معنى « أيّ » المعبّر عنه به : « كدام » وهو بهذه الإضافة أيضا يفيد عدم اعتبار التعيين فيكون عموما بدليّا لا غير ، ولا ينافيه اطّراد الاستثناء ولا استثناء أكثر من واحد