مطلقا كما عرفته عن الشيخ نافيا للخلاف فيه وعزى إلى تمهيد الشهيد أيضا ، ومنهم من أثبته كذلك نسب إلى بعض الاصوليّين ، وعن البهائي والحاجبي والعضدي عدّ الموصولات من صيغ العموم ، وعن الأخير نسبته إلى المحقّقين وإطلاق كلامهم يشمل سائر الموصولات أيضا كـ « الّذي » و « الّتي ».
وعن التوني موافقة هؤلاء إلاّ أنّه لم يتعرّض إلاّ لـ « من » و « ما ».
وعن بعضهم نفي دلالتهما على العموم إلاّ أن يتضمّنا معنى الشرط.
ويظهر اختياره من بعض الأعلام وتبعه جماعة ممّن عاصرناهم.
والأصحّ القول الأوّل وهو عدم كونهما بل ولا سائر الموصولات للعموم بالوضع ، على معنى عدم كونه مأخوذا في وضعهما لا على أنّه تمام ما وضع له ولا على أنّه بعضه فإنّهما كسائر الموصولات من المعارف ، والمعرفة على ما بيّنّاه ما يدلّ على شيء معيّن وهو في الموصول ـ على ما عرفت ـ ما يتعيّن بالصلة ، كما عرفت أنّ ما يتعيّن بالصلة قد يكون شخصا معيّنا يعيّنه الصلة وقد يكون جنسا معيّنا يعيّنه الصلة ، والموصول في القسم الأوّل لا يعقل دلالته على العموم لانتفاء التعدّد في الشخص المعيّن ، وفي القسم الثاني أيضا بالوضع بل يستلزمه باعتبار صلته لا بالذات ، فإنّ الصلة بالنسبة إلى الجنس كصفة الجنس في نحو قوله تعالى : ( وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ )(١) وكما أنّ صفة الجنس باعتبار التعليق على الجنس الّذي لا ينفكّ عن شيء من أفراده يستلزم العموم ، فكذلك الصلة بالنسبة إلى الجنس الّتي هي في معنى صفة الجنس باعتبار التعليق على الجنس الّذي لا ينفكّ عن شيء من أفراده يستلزمه ، فالصلة في قوله تعالى : ( أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ )(٢) وكذلك في قوله تعالى : ( ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ )(٣) وهي الجملة الظرفيّة باعتبار العامل المقدّر في معنى صفة الجنس الّذي « من » الموصول فتستلزم العموم بالاعتبار المذكور ، فالاستلزام في الحقيقة من مقتضى الصلة لا من مدلول الموصول ، ولو سلّم كون الدلالة عليه من الموصول فهي دلالة التزاميّة لا مطابقيّة ولا تضمّنيّة ، فصحّ أنّه لا يدلّ على العموم بالوضع.
ومما يرشد إلى ذلك انّ « من » و « ما » في معناهما الجنسي يصحّ أن يدخل عليهما لفظ « الكلّ » كما يصحّ أن يدخل عليهما لفظ البعض وحيث يدخل عليهما « الكلّ » لا يفهم منه
__________________
(١) الأنعام : ٣٨.
(٢) الحجّ : ١٨.
(٣) النحل : ٩٦.