المتعلّق بالفتح فيكون من ضروريّاته ولوازمه.
خامسها : المعروف من أهل العربيّة : [ انّ ] لفظة « كلّ » إذا اجتمعت في الكلام مع أداة النفي فهي لعموم السلب الّذي يقال له : « السلب الكلّي » إذا دخلت على أداة النفي ، ولسلب العموم الّذي يقال له : « رفع الإيجاب الكلّي » إذا دخلت عليها أداة النفي ، ومن هنا فرّقوا بين قول القائل : « كلّ إنسان لم يقم » وقوله : « لم يقم كلّ إنسان » بجعل [ الأوّل ] لعموم السلب والثاني لسلب العموم ، ومرجعه إلى الفرق بين نفي شيء عن العامّ فيفيد عموم السلب ونفي العامّ عن شيء فيفيد سلب العموم.
ومن الاصوليّين من أنكر ذلك بدعوى أنّها لعموم السلب مطلقا ، وأنّ الفرق المذكور ممّا لا يساعد عليه العرف وفهم أهل اللسان بل خلاف ما يقتضيه التبادر.
وقد يقال : بأنّ الترتيب فيما بين ألفاظ القضيّة إذا كانت ملفوظة كثيرا مّا لا يتعلّق به حكم بل العبرة بما يعتبره المتكلّم في نفسه ويكشف عنه بالألفاظ ونحن نرى بحسب الوجدان إنّ : « لم يقم كلّ إنسان » يصحّ وقوعه موضع عموم السلب كما أنّ « كلّ إنسان لم يقم » يصحّ وقوعه موقع سلب العموم ، وإنّما يختلف المعنى بالاعتبار ويعلم ذلك بالخارج ، فإنّ المتكلّم قد يعتبر القيام مسندا إلى كلّ فرد للإنسان ثمّ يورد عليه النفي فيعبّر عنه بأحد اللفظين ، وقد يعتبر عدم القيام مسندا إلى ماهيّة الإنسان ثمّ يورد عليه السور فيعبّر عنه بأحد اللفظين ، فعلى الأوّل يكون لسلب العموم ، وعلى الثاني لعموم السلب.
وفيه نظر بل منع.
والّذي يساعد عليه النظر في تحقيق المقام أن يقال : إنّ لفظ « الكلّ » على ما بيّنّاه مرارا موضوع للدلالة على تسرّي الحكم إلى جميع أفراد موضوعه إيجابيّا كان أو سلبيّا ، واستعماله في القضيّة وإرادة خلاف ذلك مجاز لا يصار إليه إلاّ لصارف يصرفه عن حقيقته.
ولا ريب أنّ وروده على النفي في مثل : « كلّ إنسان لم يقم » لا يصلح صارفا له عن مقتضى وضعه ، فيكون مفاده تسرية الحكم السلبي وهو عدم القيام إلى جميع أفراد الإنسان.
والسرّ فيه : أنّ « لم يقم » في المثال مسند ، ومعنى كونه مسندا أنّ المتكلّم يسند عدم القيام إلى المسند إليه وهو ماهيّة الإنسان ثمّ يأتي بلفظ « الكلّ » لتسرية عدم القيام المسند إلى الماهيّة إلى جميع أفرادها وهذا هو عموم السلب ، ويجوز أن يكون إنّما أسنده من أوّل الأمر إلى كلّ فرد للإنسان لأنّه المسند إليه في ظاهر اللفظ باعتبار كونه مبتدأ فيكون مفاده