كلاّ من هذه المذكورات طريق حسّي يوجب العلم بالملازمة.
وكالتبادر وعدم صحّة السلب ونحو هما من الأمارات الاخر فإنّ كلاّ من ذلك طريق قريب من الحسّ ، نظرا إلى أنّ التبادر مثلا يدرك بالوجدان ولكن بواسطة مقدّمات حسّيّة وهي تتبّع موارد الاستعمال وملاحظة تجرّد اللفظ عن القرائن.
والعادة طريق إلى إثبات الكبرى في خصوص ما ثبت صغراه بالتواتر أو تنصيص أهل اللسان ونحوه ، والعرف أيضا طريق إلى إثبات الكبرى في جملة من الموارد كغلبة استعمال اللفظ في معنى ، فإنّ الحاكم بالملازمة بينها وبين الوضع لما غلب الاستعمال فيه هو العرف.
والعرف والعقل كما في التبادر وغيره بالقياس إلى الكبرى ، فإنّ كلاّ منهما يحكم بالملازمة بين التبادر والوضع للمعنى المتبادر ، أمّا العرف فواضح وأمّا العقل فبملاحظة أنّ التبادر بمعنى فهم المعنى لابدّ له من علّة محدثة وهي إمّا الوضع أو القرينة أو المناسبة الذاتيّة والثاني مع الثالث منتفيان فتعيّن الأوّل.
وأمّا العقل وحده فإن حكم بها على وجه القطع فلا أظنّ أحدا أنكر اعتباره سواء كان في صغرى ـ أو في كبرى ، فمرجع القول ببطلان ترجيح اللغة بالعقل إلى إنكار حكم العقل بالملازمة على وجه القطع ، إمّا بمعنى أنّه لا يحكم بها أصلا ولو ظنّا سواء كان في صغرى ـ كما في دوران التسمية بالاسم مع معنى في المسمّى وجودا وعدما ، كالخمر في تسمية المسكر المتّخذ من العنب به فإنّها دائرة وجودا وعدما مع وصف الإسكار الموجود فيه إذ قبله عصير وبعده خلّ وإنّما يسمّى خمرا حال وجوده ، ومعنى الملازمة بينها وبين الوضع كون الخمر موضوعا للمسكر بقول مطلق ، وهذه الملازمة ممّا لا يمكن الاسترابة فيها على تقدير ثبوت الملازمة الاولى بطريق القطع وهي الملازمة بين التسمية والوصف وحده وجودا وعدما.
ولكنّ الملازمة الاولى غير ثابتة إذ العقل لا يحكم بها ، لإمكان قلب الدوران بأنّ التسمية تدور مع الوصف والمحلّ وهو « ماء العنب » وجودا وعدما فالعلّة مركّبة ، على معنى أنّ المجموع إذا وجد وجدت التسمية وإذا انتفى انتفت ـ أو كان في كبرى ، سواء كان الوسط الّذي لا يحكم العقل بالملازمة بينه وبين الوضع معلولا للوضع على فرض ثبوت الملازمة ، كما في منع كون الاطّراد علامة على الوضع لكونه أعمّ بوجوده في المجازات أيضا على القول بكفاية نوع العلاقة فيها ، أو علّة له على فرض ثبوت الملازمة أيضا كما في تيقّن الإرادة المستدلّ به لإثبات وضع ألفاظ العموم للخصوص ، فإنّ الملازمة بينه وبين