لنا : أنّ السيّد إذا قال لعبده : « لا تضرب أحدا » فهم من اللّفظ العموم عرفا ، حتّى لو ضرب واحدا عدّ مخالفا. والتبادر دليل الحقيقة* (١) ؛ فيكون كذلك لغة ؛
_______________________________
وعدم صحّة السلب والاطّراد ليكون كاشفا عن الوضع بل من علله وبواعثه ، بمعنى أنّه في زعم هذا القائل حكمة باعثة للواضع على اختيار وضع هذه الألفاظ للخصوص على وضعها للعموم ، فيرجع الاستناد إليه إلى ترجيح اللغة بالعقل وهو باطل بالضرورة.
والسرّ فيه : أنّ الوضع لكونه من فعل الواضع الحكيم فتحقّقه فيما بين كلّ لفظ ومعناه الموضوع له يتبع حكمة لاحظها الواضع فاختار لأجلها هذا اللفظ لذلك المعنى وهذه الحكمة هي العلّة الباعثة ، ولا ريب أنّ الواضع حين وضعه لألفاظ العموم لا حظ حكمة البتّة ، وأمّا كونها تيقّن الإرادة المقتضي لاختيار وضعها [ للخصوص ](١) لا حكمة اخرى دعته إلى اختيار وضعها للعموم لابدّ له من دليل ، ولا يكفيه الاحتمال ولا دليل عليه من نصّ الواضع ولا حكم العقل.
أمّا الأوّل : فلعدم بلوغ نصّ من الواضع في ذلك ، وأمّا حكم العقل : فلأنّ بملاحظة قيام احتمال ملاحظة حكمة اخرى باعثة على اختيار الوضع للعموم لا يحكم بالوضع للخصوص من جهة تيقّن الإرادة لا بعنوان الجزم ولا بعنوان الظنّ.
وأمّا بطلان الوجه الخامس : فلأنّ احتمال الوضع لمرتبة غير معيّنة احتمال سخيف لا ينبغي الالتفات إليها ، مع أنّ الوضع لها يوجب كون الألفاظ بأسرها مجازات بلا حقيقة واللازم باطل ، مضافا إلى أنّه لو صحّ ذلك لزم كون ألفاظ العموم مفيدة للعموم البدلي بين مراتب الخصوص وهذا أيضا باطل بضرورة من العرف واللغة.
وأمّا بطلان الوجه السادس : فلأنّه مع سخافته أيضا يستلزم المجاز بلا حقيقة ، لعدم وقوع استعمال شيء من ألفاظ العموم في مجموع مراتب الخصوص من حيث المجموع قطّ ، مع أنّ الالتزام بوضعها لمجموع المراتب ليس بأولى من الالتزام بوضعها للعموم المندرج فيه المراتب.
(١) * هذا ـ مضافا إلى ما سيأتي من الحجّة التفصيليّة عند البحث عن كلّ صيغة صيغة من صيغ العموم ممّا اتّفق على كونه للعموم عند أهل القول بوضعها له وممّا اختلف فيه ـ حجّة
__________________
(١) وفي المصدر : « للعموم » وهو سهو من قلمه الشريف ولذا صحّحناه بما في المتن.